banner
مقدمة حول العلاقات الأمريكية العراقية

نُـبـذة تاريخيـة:

يستعرض  أحد الباحثين نشأة وتطور تلك العلاقات : { تعود بدايات العلاقة الاميركية مع العراق الى ما بعد فتح قناة السويس في العام 1869، فقد تزايد التبادل التجاري بينهما من خلال وكلاء شركتي (فوري وأندرويز) للتجارة والشحن في بغداد والبصرة منذ عام 1879 .

بعد تأسيس المملكة العراقية عام 1921 شهد هذا العهد تطوراً ملموساً وان كان بطيئاً في العلاقات الاميركية العراقية  , دون ان تعتمد جوانب ذلك التطور على ارادة النظام الجديد ويأتي في مقدمتها الصراع الاميركي البريطاني على نفط العراق  .

كذلك انسحب على العلاقات الثقافية (مؤسسات ثقافية) أهمها كلية بغداد وجامعة الحكمة، والتجارية بين البلدين ومقدار تطورها الذي زاد قياساً الى ما كان قبل الحرب العالمية الاولى، مما فرض واقعاً جديداً في العلاقات الدبلوماسية بين العراق والادارة الاميركية رغم ادراك البريطانيين ضرورة ذلك الا انهم يرغبون ان يتم الامر من خلالهم وان لا يتجاوز الحد الذي رسموه.

أعلنت الحكومة الاميركية إعترافها بالحكومة العراقية الجديدة بعد إنقلاب 8 شباط 1963 بيومين , وعلى ما يبدو فأن الولايات المتحدة الاميركية كانت ترغب في استغلال الخلافات والحملات الاعلامية بين العراق والاتحاد السوفياتي. جرت بعد ذلك اتصالات بين الحكومتين وعرض الجانب الاميركي رغبة بلاده تقديم ما يحتاجه العراق من خبراء وفنيين واستعداد المنظمات الاميركية الاقتصادية كمنظمة التنمية والاستيراد والتصدير والبنك الدولي لتمويل بعض المشاريع المهمة في العراق كمشاريع الري وعرضها على الحكومة العراقية.

شهدت العلاقات الاميركية-العراقية 1964-1968 تطوراً واضحاً عندما توفرت رغبة مشتركة بين البلدين، ودفعتها للعمل على تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بينهما. وانطلاقاً من تلك السياسة . } (107)

بالرغم من  قدم بدايات العلاقات الإمريكية العراقية , إلاّ أن العراق بقي ولفترة طويلة ضمن دائرة البلدان العربية  المحكومة بالنفوذ البريطاني ,سواء كان بشكله الصريح الواضح كما في فترة الإحتلال البريطاني الذي بدأ عام 1917 أوبشكله المقنّع بعد إستقلاله وإنبثاق الحكم الوطني الملكي , حيث كان للمستشارين البريطانيين في مختلف المجالات دورا مهما في إدارة البلد و في تحديد الخطوط العامة لسياساته الداخلية والخارجيه فضلا عن إرتباطه إقتصاديا بدائرة الجنيه الأسترليني وخارجيا إنتمائه  لمجموعة دول الكومونولث .

 

الأهداف والعوامل المتحكّمة بالعلاقات الإمريكية العراقية:

بصورة عامة كانت الأهداف والعوامل المتحكّمة بمدى تطور العلاقات الإمريكية العراقية :

  1. الوصول إلى مصادر الطاقة (خاصة النفط) وبشروط مناسبة للمصالح الإمريكية .
  2. التنافس والصراع مع الإتحاد السوفيتي (آنذاك) على النفوذ في المنطقة ,والتصدّي للأحزاب الشيوعية بإعتبارها بحسب الرؤية الإمريكية من أدوات النفوذ السوفيتي , وبدرجة أقل التنافس مع النفوذ البريطاني (وهذه السياسة كانت سمة مرحلة الخمسينات والستينات وحتى بداية السبعينات من القرا الماضي ) , وذلك للحلول محله أوالأقل تقاسم المصالح معه كما حصل في ملف أسهم شركات النفط . 
  3. منع وصول قوى وطنية محلية ’معادية للمصالح الإمريكية في المنطقة (أوصديقة للأنظمة المعادية لأمريكا )  إلى السلطة أوإلى مفاصل القرار الأمني والسياسي على الأقل .
  4. الصراع مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية , سواء بهدف تغيير  نظامها السياسي المعادي للولايات المتحدة الإمريكية أولزعزعة الإستقرار فيها , فضلا عن منع القوى الوطنية العراقية المتعاونة معها أو المؤيدة لها من الوصول إلى مفاصل القرار الأمني والسياسي  في العراق .
  5. منع تطوّر تهديدات حقيقية  لأمن إسرائيل , وكذلك لباقي حلفاء الولايات الإمريكية في المنطقة

نستطيع ملاحظة دور واحدة أوأكثرمن النقاط الخمسة السابقة الذكرفي خلفيات الموقف الإمريكي تجاه أكثر الأحداث التي مرت في العراق ,مثلا في موقف الولايات المتحدة الإمريكية من حركة 14تموز 1958 التي أسقطت النظام الملكي الموالي لبريطانيا في العراق , حاولت الولايات المتحدة التصدي للنفوذ المتنامي للإتحاد السوفيتي في ظل النظام الجمهوري الجديد من خلال عرض فرص تعاون ودعم للحكم الجديد لتقليل إعتماده على المعسكر الشرقي الذي كان الشيوعيون العراقيون يروّجون له بوصفه الحليف المخلص الوحيد للنظام الجمهوري الجديد ,  إضافة إلى جلب قواتها إلى المنطقة ( لبنان ) لحماية حلفائها في المنطقة من تداعيات الإنقلاب في العراق , وفي نفس الوقت محاولة الحلول مكان بريطانيا التي تراخت قبضتها في الكثير من مستعمراتها نتيجة الثمن الإقتصادي والسياسي والأمني الباهض الذي دفعته خلال الحرب العالمية الثانية , وفي الموقف من الإنقلاب البعثي الأول 8 شباط 1963 يمكن ملاحظة الدعم الكبير الذي حصل عليه الإنقلابيون في سياساتهم وخططهم الهادفة إلى إستئصال الحزب الشيوعي العراقي (وكان من أقوى الأحزاب الشيوعية في المنطقة ) فضلا عن تقاريرعديدة لها  مصداقية عديدة تشير إلى دور مخابراتي إمريكي في إنجاح الإنقلاب .

في الإنقلاب البعثي الثاني  17 تموز 1968 تراوح الموقف الإمريكي من التأييد المتحفّظ إلى التنافس مع الدوائر البريطانية لتحديد مصير النظام الجديد ثم الإبتعاد والضغط على النظام من الخارج حتى إتفاقية الجزائر بين صدام وشاه ايران والذي فتح الأبواب مجددا للنفوذ الإمريكي وأدّى إلى تسريع خطوات تطور العلاقات الإمريكية العراقية والتي بلغت درجاتها القصوى بعد نجاح الثورة الشعبية الإسلامية في إيران وخلال الحرب التي شنّها النظام البعثي , بحيث وصل إلى التنسيق الإستخباراتي الواسع ,ثم تغير الموقف الإمريكي بعد غزو دولة الكويت .

 

مراحـل العلاقات الإمريكية العراقـية:

يتناول أحد الباحثين مراحل العلاقات الأمريكية العراقية ويقسّمها إلى أربعة مراحل هي:

أولا: مرحلة الثورة الإيرانية 1979 والحرب العراقية الإيرانية في 1980  والتي تمثل مرحلة التقارب والتعاون والالتقاء على هدف كبح جماح الثورة.

ثانيا: مرحلة الغزو العراقي للكويت وأزمة وحرب الخليج الثانية  والتي تمثل مرحلة قمة الأزمة في العلاقات الأمريكية - العراقية.

وثالثا: مرحلة ما بعد أزمة الخليج الثانية 1991-2001  والتي تتمثل بمرحلة تطبيق قرارات الأمم المتحدة والتفتيش والإحتواء .

رابعا: مرحلة إدارة بوش والتي تكرس نهجها بعد أحداث 11 سبتمبر. وهذه المرحلة شهدت الخلط بين الإرهاب والدول المارقة أو ما أسميت فيما بعد دول "محور الشر" والتي كان العراق في طليعتها.