banner
المجلس الأعلى... ظروف التأسيس... الواقع والطموح

بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرون لتأسيسه

المجلـس الأعلى ... ظروف التأسيس ... الواقع والطموح

في مثل هذه الأيام يحتفل العاملون في المجلس الأعلى والمحبّين والمناصرين له(في داخل الوطن وخارجه) في كل عام بالذكرى السنوية للتأسيس ..... هذا الكيان الأسلامي الذي ضمّ في فترة التأسيس (1982 م) كل قوى الساحة الأسلامية العراقية مع ثقل خاص ومتميّز لتلاميذ وأتباع وأنصار مفجّر الثورة الأسلامية في العراق المرجع الديني المجدّد والمفكر الأمام السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه والذي لم يمض على أستشهاده آنذاك على يد النظام البعثي البائد آنذاك سوى عام وبضعة أشهر(أشترك في قتله وأخته العلوية آمنة الصدر في أروقة القصر الجمهوري ببغداد في 9نيسان 1980م المجرم المعدوم صدام والمجرم الهارب عزت الدوري والمجرم المحترف المقبور دحام العبد وهو من أقارب صدام وتم أستخدام السكاكين والأسلحة النارية في تنفيذ الجريمة وبعد حرق لحيته الكريمة وشعر العلوية الطاهرة بالنار، ورأى بنفسه آثار التعذيب الوحشية على الجسدين الطاهرين عند الدفن خال السيد الشهيد المرحوم السيد محمد صادق الصدر والد الشهيد الفقيه السيد الصدر الثاني رضوان الله عليهما)وهي الجريمة التي هزّت الشعب العراقي والعالم العربي والأسلامي، وعرفت القوى الوطنية الأسلامية المناضلة أن لامستقبل للوطن والشعب الاّ بأسقاط النظام البعثي الفاشي والعميل..وعرفت أن لاسبيل لتحقيق هذا الهدف الاّ بتظافر الجهود ورص الصفوف وتوحيد الرؤى والمواقف والقيادة..وكان الأتفاق على تأسيس وأنطلاقة المجلس الأعلى هو التعبير الأمثل آنذاك عن تلك القناعة.بالتأكيد ذكريات المعاصرين لحقبة تأسيس المجلس (وكثير منهم لازال حيا يرزق والحمد لله) تختلف في بعض جوانبها عن ذكريات الآخرين وذلك لأحتفاظ معاصري تلك الفترة بمعلومات وذكريات ومشاعر وأجواء لا تزال تحتفظ بحرارتها وعواطفها وآمالها وآلامها... خاصة و هي أستهلكت زهرة شبابهم وأرواح بعضهم وأستقراروحقوق عوائلهم ...ندعو أن يكون كل ذلك بعين الله التي لاتنام ولاتنسى ولاتخطأ ولاتهمـل...

أتذكّر وحينها كنت مسؤولا عن وحدة الأعلام في المجلس ، سيل الرسائل والبرقيات والأتصالات التي أستلمناها من العراقيين في أماكن أقامتهم في دول المهجر المختلفة ومن

داخل الوطن بواسطة مجاهدي الداخل الذين كانوا يعبرون الحدود بطرقهم الخاصة ...وكلّها كانت تعبّرعن فرحة غامرة وتأييد عال وأستعداد للتفاعل الأيجابي وأنتظار للتكليف وأستعداد للتنفيذ...بل ودون الأنتظار لتلك التكليفات ،بدأ البعض بتشكيل لجان النصرة والتنسيق وقام آخرون بتزويد وحدة الأعلام وعلى حسابهم الخاص وبشكل منتظم بصحف ومجلات لدعم أرشيفها، وطلب منشورات وبيانات المجلس لتوزيعها وأحيانا ترجمتها الى لغات أخرى....

اليوم وبعد مضي حوالي ثلاثة عقود من الزمن... المجلس الأعلى واقعا مؤسّساتيا وسياسيا وجماهيريا وثقافيا قائما، له حضوره السياسي والأجتماعي والثقافي الواضح وله رؤاه ومواقفه السياسية المتميّزة وله رجاله المعروفين ،وبالرغم من حضوره المتواضع في الحكومة الدستورية الثانية التي بدأت دورتها منذ بداية عام 2011 م ،الاّ أنه لاأحد يناقش أو يشكّك في دوره الفاعل في الساحة العراقية وبعيدا عن الصخب والأدّعاءات الأعلامية التي لاتسمن ولاتغني من جوع... ربما يكون المجلس الأعلى القوة السياسية الوطنية الوحيدة التي قدّمت بعد 2003 أغلى مالديهاأي قيادتها العليا المتمثـّلة بآية الله السيد الشهيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه،شهيدا على طريق حرية وأستقلال وسيادة العراق والدفاع عن حقوق شعبه وأعلاء كلمة الله والدفاع عن نهج أئمة أهل البيت عليهم السلام ونصرة المرجعية الدينية الرشيدة التي تمثـّل الأمتداد الطبيعي لحركة الأنبياء والأئمة ....أضافة الى عشرات الشهداء الذين رحلوا بعد 2003 م ، وعيونهم لم تكتحل حتّى بأستعادة حقوقهم المغصوبة في العهد البعثي البائد ....... ليلتحقوا بقافلة الآلاف من شهداء المجلس الأعلى الذين ضحّوا بأرواحهم على طريق مقاومة النظام البعثي منذ التأسيس عام 1982 م وحتى سقوطه عام 2003 م .

في البدء قد يكون مناسبا التحدّث وبأختصار عن الظروف السياسية التي كانت سائدة في فترة ما قبل المبادرة الى تأسيس المجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق (المجلس الأعلى الأسلامي) ، ودور تلك الظروف وماكان يجري في جبهات الحرب العدوانية التي شنـّها النظام البعثي السابق على أيران أضافة الى تداعيات الفراغ القيادي الحاصل في الحركة الوطنية العراقية عامة والحركة الأسلامية منها خاصة نتيجة أستشهاد القائد الفذ السيد محمد باقر الصدر(رض) ، دورها في تسريع التوجّه والتحرّك باتجاه انبثاق المجلس..

قبل انتصار الثورة الشعبية في إيران بقيادة الأمام السيد الخميني رحمه الله ، بأشهر تصاعدت وبوتائر عالية الفعاليات السياسية والجهادية المعارضة لنظام البعث العراقي ،خاصة بعد أعلان المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف والمتمثـّلة بالشهيد السيد محمد باقر الصدر موقفها الصريح من النظام وأعلانها لبياناتها الثلاث المعروفة ورفضها الخضوع لضغوط النظام البعثي، حيث بدأ الجهاز الحاكم في بغداد يخشى كثيرا على مستقبله ومصيره .

وبعد انتصار الثورة الإسلامية في شباط(فبراير) 1979، تطورت الحركة الثورية للشعب العراقي كماً ونوعاً بسبب المعنويات الكبيرة الحاصلة نتيجة الانتصار في الجارة المسلمة ايران (بالضبط كما شاهدنا في هذا العام أنتقال الروح الثورية المنتفضة على الحكام الظلمة والمستبدّين من تونس الى مصر الى ليبيا والبحرين واليمن وغيرها خلال أشهرأوأسابيع) ...وفي قبال ذلك بدأت السلطة البعثية بحملة قمع مروّعة لم يشهد العراق لها مثيلا (وبإسناد سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية التي تضرّر نفوذها كثيرا في المنطقة آنذاك بسبب سقوط أحد أهم ركائز ذلك النفوذ الأستعماري أي نظام الشاه ،وكذلك بأسناد دول أوربية وحكومات عربية مرتهنة بالقرار الأجنبي التي خشيت كثيراعلى مصالحها غير المشروعة من أن يلحق نظام صدام النظام الشاهنشاهي بسبب معرفتهم بهشاشة وضعه الداخلي وقوة الحركة الوطنية العراقية وخاصة القوى الأسلامية منها وأهم من ذلك القاعدة الشعبية الواسعة والكلمة المسموعة والمطاعة لدى العراقيين و التي تتمتّع بها القيادة الأسلامية أي المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف ، ويتذكر المراقبين كيف قام وخلال أسبوع واحد(في صيف عام 1979 م وقبل أنقلاب صدام على أحمد حسن البكر) وزراء خارجية دول الناتو بزيارة بغداد واللقاء بنائب الرئيس آنذاك أي صدام وكذلك توافد مسؤولين أمريكيين كبار على بغداد) حيث تم بعدها إعدام الآلاف من الوطنيين من الإسلاميين (في طليعتهم تلاميذ ووكلاء وأتباع المرجع السيد محمد باقر الصدر) والقوميين واليساريين وغيرهم وسجن وتعذيب مئات الآلاف ، وتشريد وتهجير أوساط شعبية واسعة وإبعادها الى الخارج بعد أسقاط جنسيتها ومصادرة كل وثائق المواطنة العراقية ،وحجز الشباب منهم ...

ونتيجة لذلك بادر العشرات من الكوادر القيادية ومن المستويات الأخرى في الحركات الإسلامية العراقية ومن علماء الدين العراقيين الى الاختفاء عن الأنظار والهجرة الى الخارج، وخاصة الى إيران وسوريا ،لأن الخيار الآخر كان هوالقتل غيلةأوبالأعدام بقرارات محكمة الثورة سيئة الصيت،التي كان صدور قرارأعدام المئات لايستغرق فيها أكثر من ساعةواحدة .

وما أن أنقضت الأشهر الأولى من عمر الجمهورية الإسلامية الايرانية المولودة حديثا، حتى صارت مدن (قم المقدسة) و(الأهواز) و(عبادان) و(طهران) و(مشهد) و(إيلام) و(أصفهان) و(خرم شهر) وغيرها من المدن الإيرانية (خاصة المدن المقدسة والمدن التي يكثر فيها العرب الأيرانيون أو الكرد والكرد الفيليين ،لأن أجوائها تذكّر المهاجرين العراقيين بأجواء مدنهم .ولعلم القرّاء الكرام فأن مدن خراسان وقم المقدّسة تم تأسيسها على يد عشائر عربية تم نفيها الى أيران في العهد العباسي لموالاتها لأئمة أهل البيت ع)،نقول أصبحت هذه المدن محل أقامة ومعيشة للعشرات من الكوادر الإسلامية العراقية المعارضة لنظام صدام وكذلك للآلاف من العوائل العراقية المهاجرة أو المهجّرة قسرا. ونتيجة لهذا التواجد انبثقت العديد من المقرات للجماعات العراقية المعارضة وتأسست أيضا ما يُمكن تسميته بمنظمات مجتمع مدني ربما كان بعضها مدعوما من بعض الأحزاب او علماء الدين، بهدف إغاثة ورعاية العراقيين المهاجرين والذين بدأت أعدادهم بالازدياد السريع وما يتطلّبه ذلك من مستلزمات المعيشة وفرص العمل والوثائق الرسمية والمستوصفات والمدارس وغيرها.

كما استفادت بعض الحركات الإسلامية والكردية العراقية المعارضة ( وحتى شخصيات عراقية معارضة مرتبطة بتنظيمات غيرأسلامية) من أجواء الحرية والأمان المتوفرة في إيران في العهد الجديد ، لبدء فعاليت سياسية وإعلامية وجهادية ضد السلطة الحاكمة في بغداد أنطلاقا من الأراضي الإيرانية ، خاصة وان بين العراق وإيران حدود برية طويلة تمتد لأكثر من ألف كيلومتر.

وقبل هذه الانطلاقة العراقية المعارضة من الأراضي الإيرانية ،كانت الأجهزة الأمنية العراقية هي البادئة ومن وقت مبكر جدا ومن الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية (بل وحتى في الأشهر الأخيرة من عمر النظام الشاهنشاهي الإيراني) بإرسال المخربين وإرسال السلاح وإرسال كوادر حزبية بعثية وضباط مخابرات الى الأراضي الإيرانية وخاصة الى المناطق العربية في جنوب إيران ، وقامت أيضا بدور كبير في عمليات تهريب كبار ضباط الجيش الإيراني وكبار المسؤولين الموالين للشاه مع عوائلهم من خلال السفارة العراقية في طهران وذلك بعد سقوط الشاه .

وتحوّل العراق في تلك الفترة الى الملجأ الآمن القريب لرجال النظام المنهار في إيران وتحول بعدها الى غرفة العمليات المتقدمة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية في خططها وسياساتها لموجهة تداعيات انهيار أحد أهم ركائزها في المنطقة وكذلك لمنع تكرار التجربة في العراق.

لم تكن السلطات الإيرانية الجديدة تولي أهتماماً كبيرا آنذاك بالاتصال او التعاون مع الشخصيات والأحزاب العراقية المعارضة التي بدأت تتحرك في طهران وقم المقدسة وحتى على الحدود لأنشغالها بمشكلاتها الداخلية ولكن كان هناك عدد من المسؤولين الإيرانيين من الصف الثاني او الثالث ممن عاشوا سنوات طويلة مع قائد الثورة في النجف الأشرف في العراق وكذلك عدد من أعضاء وأنصار الحركة الإسلامية العراقية من الذين ولدوا هم وآباءهم في العراق ولكن لهم أمتدادات عائلية في أيران أو لهم أصول إيرانية...

هؤلاء لعبوا دورا في إيجاد قنوات اتصال وتعاون بين مؤسسات النظام السياسي الجديد في إيران وبين علماء الدين وقادة الأحزاب الإسلامية العراقية الذين اتخذوا من إيران دار أقامة ومنطلق عمل.

لكن الأمور تغيرت جذريا بعد شن النظام البعثي حربه العدوانية على إيران في أيلول 1980والتي كانت حرب نيابة عن المصالح الغربية والإسرائيلية ، أو كما وصفها (صدام في رسالته الى رفسنجاني عام1989 بأنها فتنة ورّطه فيها الشياطين الكبار).

تلك الحرب حوّلت العراقيين في إيران وخاصة قيادات الحركات الإسلامية والكردية العراقية وعلماء الدين العراقيين من ضيوف عاديين في إيران (وأحيانا كان يُعبّر عنهم من قبل بعض الأيرانيين بضيوف ثقلاء) الى عملة نادرة وبضاعة ثمينة ومرغوبة جدا خاصة وان القائد الأعلى للثورة وللدولة (أي الأمام السيد الخميني رحمه الله) كانت له انطباعات ومشاعر جيدة ومحبّة تجاه العراقيين تكونت من خلال معايشته المباشرة لهم خلال فترة إقامته في النجف الأشرف التي امتدت من 1963 وحتى 1979 م ، والأهم من ذلك حاجة إيران وهي في حرب شاملة مع نظام صدام الى قوى وشخصيات لها خبرة وقدرة في مواجهة ذلك النظام (وهذا ليس بدعا في تجارب العالم ،مثلا تعامل الأوربيون مع العناصر والشخصيات الروسية المنشقـّة واللاجئة الى بلدانها لتنظيم وأدارة المواجهة مع الأتحاد السوفيتي وأستفادت الولايات المتحدة من اللاجئين الكوبيين عندها ونرى هذه الأيام كيف يتم التعامل الأيجابي مع بعض المعارضين العرب في الغرب لتنظيم وأدارة المواجهة مع حكوماتهم ...)وبدأ كبار المسؤولين الإيرانيين (من السياسيين والعسكريين والحرس الثوري وغيرهم) بالتردد على بيوت عدد من المعارضين العراقيين المقيمين في طهران وقم المقدسة وإبداء استعدادهم غير المحدود لدعم فعاليات أولئك المعارضين بالأموال والمعسكرات والسلاح والتسهيلات الأخرى، خاصة بعد أن سبقهم النظام البعثي في العراق و فتح أبواب العراق وخزائنه ومعسكراته ومدنه لعناصر منظمة (مجاهدي الشعب) الخطيرة التي قتلت العشرات من المسؤولين والمئات من المواطنين الإيرانيين وأصبحت بمثابة الطابور الخامس للنظام البعثي داخل إيران، وكذلك قام بتقديم الدعم المادي واللوجستي والسياسي لتلك المنظمة الأرهابية(لا زالت بعض مصاديقه قائمة داخل العراق حتى يومنا الراهن) ولعدد من أنصار الشاه وجماعة بختيار وغيرهم...

القوى والشخصيات العراقية المعارضة الخارجة لتوّها من حمامات الدم في العراق وبعد إعدام قيادتها العليا المتمثلّة بالمرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه، تلك القوى المعروفة بإمكاناتها المتواضعة والمُنهَكة جرّاء عقود من سياسات الملاحقة والقمع والحصار على يد النظام البعثي... كانت تبحث عن حلفاء وإمكانات وقواعد آمنة داخل وخارج العراق لكي تتمكن من لملمة صفوفها وإعادة تنظيم تشكيلاتها والتهيؤ لمرحلة جديدة من المواجهة مع النظام البعثي للدفاع عن استقلال العراق وحرية ومصالح شعبه وأسقاط النظام الشمولي القمعي والفاشي الذي أعتمد سياسة الأستئصال والأبادة تجاه كل القوى الوطنية العراقية ،وسياسة الأنتقام الجماعي من قواعدها الشعبية ...ومن كل من لاينفذ سياساته...

ومع ان تلك القوى والشخصيات العراقية المعارضة حاولت مدّ يدها وبناء العلاقات والجسور مع كل حكومات وشعوب الدول المجاورة، إلا إن بعض الحكومات كانت متواطئة مع النظام البعثي وبعضها الآخركانت خائفة من ردود فعله، سوريا وحدها كانت وقبل نجاح الثورة في إيران تفتح أبوابها ومنذ أوائل السبعينات من القرن الماضي للمعارضين العراقيين ولبعض مكاتبهم السياسية... بينما كانت بعض دول الخليج مثل الكويت ودولة الأمارات العربية المتحدة تسمح بدخول وإقامة بعض الأوساط العراقية المعارضة إلا إنها تفضل أن لا تمارس تلك الأوساط أي نشاط معادٍ لنظام صدام (على الأقل في العلن) خوفاً من ردود فعله.

بعد سقوط الشاه وبعد شن الحرب العدوانية على إيران وبعد استحكام العداء بين النظام السوري بقيادة الرئيس السابق حافظ الأسد، خاصة بعد قيام مخابرات صدام بتفجير القنابل والسيارات المفخّخة في دمشق...بعد كل ذلك أصبحت الجمهورية الإيرانية الإسلامية والجمهورية العربية السورية الدولتين المجاورتين الوحيدتين اللتين يُمكن للقوى العراقية المعارضة لصدام التحالف معهما والانطلاق منهما في فعالياتها السياسية وغير السياسية.

وبما إن حديثنا عن (المجلس الأعلى) فسوف نحصر كلامنا عن إيران، حيث وكما قلنا مع بداية الحرب العراقية – الإيرانية بدأت الكثير من فرص الدعم والإسناد تتوفر في الساحة الإيرانية سواء من دوائر ومؤسسات حكومية أو من أوساط شعبية ودينية.

ابرز تلك الدوائرهي قسم حركات التحرر في الحرس الثوري( والحرس هي التشكيلة الحديثة الولادة آنذاك والتي كان اغلب عناصرها من شباب المساجد المتدينين ذو الولاء المطلق لقائد الثورة وللمؤسسة الدينية هناك.)

وكان القسم المختص بتقديم الدعم والتسهيلات للقوى العراقية المعارضة،والذي أشرنا اليه هو قسم حركات التحرر، إلاّ انه وللأسف الشديد كان على رأس أدارة هذا القسم رجل دين إيراني من إحدى قرى أصفهان ذو شخصية غامضة وتاريخ فيه الكثير من الشبهات والملابسات واهم من ذلك كان يكنّ عداءً كبيراْ لعلماء الدين العراقيين والأحزاب الإسلامية التي كانت تمثل امتداداً لمدرسة المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رض) وكان يتميز رجل الدين الإيراني هذا ذو الشخصية القيادية القوية ، بسياساته الملتوية لشق حركة المعارضة العراقية وتأجيج الصراعات فيما بينها (تم إعدامه فيما بعد/في أواسط الثمانينات/ بعد كشف أرتباطه بالنظام الليبي وجهازأمني غربي، وأكتشاف دور رئيسي له في إرسال المتفجرات إلى المملكة العربية السعودية في موسم الحج وإثارة القلاقل في البحرين والكويت،ضمن خطة مشبوهة كانت تهدف الى تخريب العلاقات بين النظام الإيراني الجديد وبين جيرانه الخليجيين).

هذه هي سمات الظرف السياسي السائد آنذاك في إيران، عشيّة انبثاق (مكتب الثورة الأسلامية في العراق ) وهو التشكيل الذي سبق تأسيس المجلس الأعلى وبعد تأسيس جماعة العلماء المجاهدين في العراق ، وكلا التشكيلين كانا بمحورية السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه ،كانت سمات الظرف السياسي السائد في ايران :

  • نظام سياسي إسلامي جديد في إيران بعيد عن التبعية للقوى الكبرى وخاصة القوى التي تدعم النظام البعثي، و يتعاطف اغلب قادته مع تطلّعات الشعب المسلم في العراق.
  • حرب عدوانية شاملة مفروضة على إيران من قبل النظام البعثي في العراق.
  • أحزاب وقوى عراقية معارضة لنظام صدام (في غالبيتها إسلامية وكردية) تبحث عن حلفاء وعن دول وحكومات مساندة وعن دعم بالإمكانات ودعم سياسي وأعلامي ...
  • جالية عراقية تنمو إعدادها بسرعة كبيرة، وهي تمثل معيناً لا ينضب للطاقات البشرية...

في مثل هذا الظرف دخل الشهيد السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه إلى إيران في الشهر الثاني من الحرب المفروضة بعد أن هاجر متخفـّيا من وطنه بعد أن أنكشفت نيّة النظام البعثي لقتله ،حيث سافر الى سوريا عن طريق الأردن، وبدأ تحركه بهدف تنفيذ خطته الخاصة (والتي اطّلعت عليها شخصيا في آب 1980 عندما قمت بزيارته في محل أقامته في دمشق وكانت بعنوان / تصور عام عن مستقبل العمل في العراق) تلك الخطة كانت تقوم على:

  1. بناء كيان سياسي عراقي يضم كل القوى الوطنية الإسلامية المعارضة للنظام البعثي في بغداد
  2. أعداد الجماهير العراقية ثقافياً وعسكرياً وتنظيمياً ليكونوا قاعدة ذلك الكيان، و ذلك من خلال برنامج التعبئة الشعبية الذي أستقطب المئات من العراقيين في المهجر
  3. كسب واحدة او اكثر من الدول المجاورة للعراق لتكون الحليف وتكون بمثابة القاعدة الآمنة للأعــداد والأنطلاق
  4. ايجاد مناطق محررة داخل العراق على غرار كردستان العراق لتكون بمثابة القاعدة الآمنة للتواجد ولأدارة التحرك داخل الوطن
  5. اعتماد اسلوب الكفاح الشعبي المسلح في مواجهة النظام، لان نظام صدام الدموي والقمعي لا تنفع معه الوسائل السياسية فقط في المواجهة

وناقش السيد الحكيم في دراسته الهامة تلك ، وبأسلوب علمي ووعي عال وبتفاصيل دقيقة وفنـّد أسلوب الأنقلاب العسكري و أسلوب الثورة الشعبية على الطريقة الأيرانية كطرق للتغيير ، وذلك بسبب دموية النظام وملابسات الحسّاسيات والصراعات العرقية والطائفية في المجتمع العراقي وتوظيفهما من قبل النظام البعثي لتمزيق الشعب العراقي وقواه الوطنية ، والتركيبة غير المتوازنة للمؤسّسات العسكرية والأمنية العراقية (والنابعة من المعادلة السياسية الأجتماعية الظالمة التي زرعت بريطانيا بذورها في الدولة العراقية المعاصرة منذ الأستقلال بعد فشل ثورة العشرين) ، وكذلك للدعم الهائل الذي حصل عليه النظام البعثي في العراق من دوائر سياسية وأمنية دولية واقليمية(بمافيها الكيان الصهيوني الذي وصف التغيير في ايران بالزلزال الذي ستصل آثاره اليه بعد حين) بعد سقوط شاه أيران ونجاح أول تجربة للأسلاميين في الوصول الى السلطة في العالم العربي والأسلامي ...وسعي الدوائر السياسية والأمنية الغربية الأستفادة من تجربتهم في أيران والسعي لعدم تكرار الأخطـاء في العراق...

ومن هنا رأينا الشهيد السيد الحكيم يتحرك بجد لبناء علاقات تعارف وتعاون وكسب الثقة مع بعض رجال الصف الاول من المسؤولين في الدولة ومن المقربين للامام الخميني رضوان الله عليه ونجح في ذلك، خاصة مع بعض علماء الدين من معتمدي الامام الراحل وفي مقدمتهم القائد والمرشد الحالي للجمهورية الاسلامية الايرانية.

كان السيد الحكيم (رض) يعتقد بان العمل والتحرك والمواجهة والقرار هو من مسؤولية العراقيين، واذا اراد البعض المساعدة فيمكنهم تقديم الدعم والاسناد ولايجوز له أتخاذ القرارات نيابة عن العراقيين حتى لو كانوا من اقرب الحلفاء والاصدقاء، وكان الكثير من قادة الاحزاب الاسلامية والكردية يوافقون السيد الحكيم في قناعته هذه ومنهم عدد من قادة حزب الدعوة الأسلامية وكان اعلان تأسيس (مكتب الثورة الأسلامية في العراق) اولى بشائر نجاح تحرك السيد الحكيم ونجاح خطته،حيث أخذ كل صلاحيات قسم حركات التحررالذي أشرنا اليه سابقا.

كان انبثاق (المكتب) بعد فشل اطروحة سابقة له هي (الجيش الثوري الاسلامي) الذي كان لقسم حركات التحرر في الحرس الثوري دوراً فيه هو اكثر من دورالدعم والاسناد المفترض ،كما تعثـّرت تجربة سابقة أخرى هي (مجلس علماء الدين لقيادة الثورة) ،وتراوحت أسباب الفشل من الدور المبالغ فيه للطرف الأيراني كما في تجربة الجيش الثوري ووجود أختراقات للنظام الليبي فيه(من خلال مهدي الهاشمي) الى غياب الرموز السياسية المعروفة للرأي العام العراقي وغياب رؤية سياسية وطنية عراقية ينطلق منها المشروع السياسي ...

كان المشرف العام على(المكتب)السيد محمد باقر الحكيم وضمت ادارة المكتب التي كان يدير اجتماعاتها السيد المشرف بنفسه شخصيات حركية اسلامية معروفة من ابرزهاالعلاّمة السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله و القيادي الأسلامي المهندس السيد ع. نجف (الدكتور علاء الجوادي) والقيادي الأسلامي الدكتورهمام حمودي والسيد أكرم الحكيم الذي أختاره السيد المشرف والأخوة في الأدارة مديرا مفوّضا للمكتب ،وضّم المكتب الذي بلغ عدد العاملين فيه حوالي سبعين شخصاً، عدة اقسام او وحدات من اهمها: القسم الاعلامي – قسم العلاقات العامة – قسم المعلومات والتحقيق – قسم التعبئة الشعبية – وقسم الدعم اللوجستي لحركات المعارضة فضلاً عن القسم المالي والاداري. وتراوحت خدمات (المكتب) للجالية وللحركات المعارضة من الخدمات ذات العلاقة بمساعدة العراقيين في الحصول على وثائق الاقامة القانونية وتعريفهم للدوائر الرسمية (كما تقوم بذلك الان السفارات العراقية في الخارج).. الى تسهيل الحصول على مستلزمات التحرك السياسي والجهادي ضد نظام صدام. وزاد في قوة وفاعلية (المكتب): اولاً: أن اغلب عناصر الادارة هم من القيادات الدينية و الحركية الاسلامية العراقية من ذوي التجربة والتاريخ الجهادي .

ثانياً: سماح الدولة المضيّـفة للمكتب بالنهوض ببعض المهام التي هي من اختصاص السفارة العراقية التي اصبح وجودها هامشياً بعد اعلان الحرب.

وثالثاً: السماح للمكتب بأستلام التبرعات والمساعدات المالية من الاوساط الشعبية ومن المرجعيات الدينية و بعض المؤسسات شبه الرسمية .

ورابعاً: اعطاء الدولة المضيّـفة (قوة قانونية) للكتب الصادرة عن (المكتب)، وحثّها اغلب دوائر الوزارات ذات العلاقة (مثل الخارجية والداخلية والتربية والتعليم وغيرها) والمؤسسات الثوريةعلى تلبية مطاليب (المكتب) ذات الصلة بحياة العراقيين في ايران وذات الصلة بفعاليات القوى العراقية المعارضة ضد نظام صدام.والحالة المشابهة لمكتب الثورة الأسلامية في العراق،هي (مكتب العراق) في دمشق الذي أسّسته القيادة القومية لحزب البعث الحاكم في سوريا وأدارته قيادة قطر العراق الموالية لسوريا،وأعطيت له صلاحيات تمشية المعاملات الضرورية للعراقيين في سوريا .

نجحت تجربة(مكتب العراق) نجاحا باهرا،سواءا على مستوى أثبات قدرة القيادة العلمائية العراقية المتصدّية على بلورة جهاز تنظيمي عراقي كفوء ومنضبط قادرعلى النهوض بالمهام السياسية والتنظيمية والأدارية والعلاقاتية والأعلامية وكان هذا الأمر في غاية الأهمية في تلك المرحلة للحصول على دعم الحلفاء والأصدقاء...،أوعلى مستوى تقديم الخدمات للجالية العراقية المتنامية أعدادها بسرعة ،أو على مستوى أستقطاب ودعم أغلب المجموعات المعارضة الراغبة بالعمل ضد النظام البعثي في بغداد ،أو على مستوى بناء خط التعبئة الشعبية التي أصبحت في النهاية احدى الروافد المهمة لتشكيلات بدر المعروفة ،وساعد في هذا النجاح كما أشرنا التجربة الحركية الطويلة للكثير من قيادات المكتب وكوادره وموظـّفيه (أغلبهم تعود جذوره التنظيمية الى منظمة المسلمين العقائديين /وهي من الحركات الأسلامية الرائدة التي تأسّست في أربعينيات القرن الماضي في النجف الأشرف في العراق)،ومجموعة الكوادر الحركية هذه قامت وبعد أنتصار الثورة الأسلامية في أيران بتجميد نشاطها التنظيمي ودعم تحرك علماء الدين المجاهدين الذين كان في صدارتهم السيدمحمد باقر الحكيم (رض)،و هذا الأمر وفـّر للسيد الحكيم جهدا ووقتا كان يجب أن يصرفه لبناء وأعداد الطليعة التي تبدأ المسيرة معه..بينما وجدها جاهزة أمامه تنتظر التوجيه والتكليف وهذا من فضل الله عليه...

أستغرقت فترة نشاط المكتب أكثر من سنة ،ثم حصل تطورين هامين دفعا المتصدّين الى الأسراع بأيجاد الأطار السياسي الموحّد هما:

ـ الهزائم الكبرى للنظام البعثي في جبهات الحرب ،وأبرزها الهزيمة في خرّمشهر،

وتصاعد أحتمالات أنهيار النظام في بغدادأوأنهيار جبهته الجنوبية على الأقل ،وحصول فراغ سياسي...

ـ تزايد مظاهر الأنشقاقات والصراعات الجانبية وتداعيات أستمرار حالة الفراغ القيادي في الحركة الوطنية العراقية عامة والقوى الأسلامية خاصة، ودخول بعض الدوائرالأمنية الغربية والأقليمية على خط محاولات أختراق البنية القيادية للحركة الوطنية العراقية (كانت أبرزتلك المحاولات محاولة النظام الليبي وبالتعاون مع مهدي الهاشمي /المسؤول في الحرس الثوري آنذاك/ تسويق جماعة البعثي السابق أياد سعيدثابت المشبوهة بأرتباطها بدوائر أمنية غربية ،محاولة تسويقهابعنوان جبهة قوى ثورية عربية وكردية معارضة...ودخول مخابرات صدام وبقوة على خط محاولات أختراق التنظيمات الأسلامية والسعي لتأجيج الصراعات الجانبية بينها، وتم كشف الكثير من تلك المحاولات...

هذه التطورات الهامة ،وضغوط القواعد الشعبية والمجاهدين في الداخل التي كانت تطالب القيادات بالوحدة وتجنـّب الأختلاف والنزاع وتقديم المصلحة العامة على الطموحات الشخصية والمصالح الحزبية ،أضافة الى العامل المساعد المتمثـّل بألحاح ممثـّل القيادة الشرعية آنذاك على القوى العراقية لتوحيد مواقفها ورص صفوفها للأستفادة من التطوّرات المتلاحقة والخطيرة في الساحة العراقية...كل تلك العوامل هي التي دفعت الى عقد الأجتماع الأول للنخبة المؤسّسة للمجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق وبحضور ومباركة ممثـّل القيادة الأسلامية الشرعية آنذاك .

الشخصيات التي شاركت في الأجتماع التأسيسي هي :

آية الله السيد كاظم الحائري ـ آية الله السيدمحمد باقر الحكيم ـ آية الله السيد محمود الهاشمي ـ آية الله السيد محمد تقي المدرسي ـ آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي ـ العلاّمة السيد عبد العزيز الحكيم ـ العلاّمة الشيخ محمد باقر الناصري ـ العلاّمة الشيخ علي الكوراني ـ العلاّمة السيدمحمد باقر المهري ـ العلاّمة السيدحسين هادي الصدر ـ العلاّمة الشيخ جواد الخالصي ـ العلاّمة السيد علي الحائري ـالحاج محمد صالح الأديب ـ السيد علاء نجف(د. علاء الجوادي) ـ السيد د.أبراهيم الجعفري(الأشيقر) ـ السيد أكرم الحكيم .

من خلال أستعراض الأسماء المذكورة ،يمكن القول بأن ثلاث كتل ساهمت في التأسيس هي : كتلة السيد الحكيم وكانت تسمّى بجماعة خط المرجعية وكتلة حزب الدعوة الأسلامية وكتلة المستقلّين ومحورها السيد الهاشمي(ويمكن أعتبار الكتل الثلاث السابقة بأنها المعبّرة عن خط الشهيد السيد محمد باقر الصدر آنذاك)، أضافة الى تمثيل محدود لشخصيات وجهات أخرى معروفة في الساحة الأسلامية العراقية أبرزها آية الله السيدمحمد تقي المدرّسي..(بالطبع كاتب هذه الدراسة كان ضمن كتلة خط المرجعية التي يقودها السيد الحكيم رضوان الله عليه)

آية الله السيد كاظم الحائري ـ آية الله السيدمحمد باقر الحكيم ـ آية الله السيد محمود الهاشمي ـ آية الله السيد محمد تقي المدرسي ـ آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي ـ العلاّمة السيد عبد العزيز الحكيم ـ العلاّمة الشيخ محمد باقر الناصري ـ العلاّمة الشيخ علي الكوراني ـ العلاّمة السيدمحمد باقر المهري ـ العلاّمة السيدحسين هادي الصدر ـ العلاّمة الشيخ جواد الخالصي ـ العلاّمة السيد علي الحائري ـالحاج محمد صالح الأديب ـ السيد علاء نجف(د. علاء الجوادي) ـ السيد د.أبراهيم الجعفري(الأشيقر) ـ السيد أكرم الحكيم .

من خلال أستعراض الأسماء المذكورة ،يمكن القول بأن ثلاث كتل ساهمت في التأسيس هي : كتلة السيد الحكيم وكانت تسمّى بجماعة خط المرجعية وكتلة حزب الدعوة الأسلامية وكتلة المستقلّين ومحورها السيد الهاشمي(ويمكن أعتبار الكتل الثلاث السابقة بأنها المعبّرة عن خط الشهيد السيد محمد باقر الصدر آنذاك)، أضافة الى تمثيل محدود لشخصيات وجهات أخرى معروفة في الساحة الأسلامية العراقية أبرزها آية الله السيدمحمد تقي المدرّسي..(بالطبع كاتب هذه الدراسة كان ضمن كتلة خط المرجعية التي يقودها السيد الحكيم رضوان الله عليه)

آية الله السيد كاظم الحائري ـ آية الله السيدمحمد باقر الحكيم ـ آية الله السيد محمود الهاشمي ـ آية الله السيد محمد تقي المدرسي ـ آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي ـ العلاّمة السيد عبد العزيز الحكيم ـ العلاّمة الشيخ محمد باقر الناصري ـ العلاّمة الشيخ علي الكوراني ـ العلاّمة السيدمحمد باقر المهري ـ العلاّمة السيدحسين هادي الصدر ـ العلاّمة الشيخ جواد الخالصي ـ العلاّمة السيد علي الحائري ـالحاج محمد صالح الأديب ـ السيد علاء نجف(د. علاء الجوادي) ـ السيد د.أبراهيم الجعفري(الأشيقر) ـ السيد أكرم الحكيم .

من خلال أستعراض الأسماء المذكورة ،يمكن القول بأن ثلاث كتل ساهمت في التأسيس هي : كتلة السيد الحكيم وكانت تسمّى بجماعة خط المرجعية وكتلة حزب الدعوة الأسلامية وكتلة المستقلّين ومحورها السيد الهاشمي(ويمكن أعتبار الكتل الثلاث السابقة بأنها المعبّرة عن خط الشهيد السيد محمد باقر الصدر آنذاك)، أضافة الى تمثيل محدود لشخصيات وجهات أخرى معروفة في الساحة الأسلامية العراقية أبرزها آية الله السيدمحمد تقي المدرّسي..(بالطبع كاتب هذه الدراسة كان ضمن كتلة خط المرجعية التي يقودها السيد الحكيم رضوان الله عليه)

آية الله السيد كاظم الحائري ـ آية الله السيدمحمد باقر الحكيم ـ آية الله السيد محمود الهاشمي ـ آية الله السيد محمد تقي المدرسي ـ آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي ـ العلاّمة السيد عبد العزيز الحكيم ـ العلاّمة الشيخ محمد باقر الناصري ـ العلاّمة الشيخ علي الكوراني ـ العلاّمة السيدمحمد باقر المهري ـ العلاّمة السيدحسين هادي الصدر ـ العلاّمة الشيخ جواد الخالصي ـ العلاّمة السيد علي الحائري ـالحاج محمد صالح الأديب ـ السيد علاء نجف(د. علاء الجوادي) ـ السيد د.أبراهيم الجعفري(الأشيقر) ـ السيد أكرم الحكيم .

من خلال أستعراض الأسماء المذكورة ،يمكن القول بأن ثلاث كتل ساهمت في التأسيس هي : كتلة السيد الحكيم وكانت تسمّى بجماعة خط المرجعية وكتلة حزب الدعوة الأسلامية وكتلة المستقلّين ومحورها السيد الهاشمي(ويمكن أعتبار الكتل الثلاث السابقة بأنها المعبّرة عن خط الشهيد السيد محمد باقر الصدر آنذاك)، أضافة الى تمثيل محدود لشخصيات وجهات أخرى معروفة في الساحة الأسلامية العراقية أبرزها آية الله السيدمحمد تقي المدرّسي..(بالطبع كاتب هذه الدراسة كان ضمن كتلة خط المرجعية التي يقودها السيد الحكيم رضوان الله عليه)

آية الله السيد كاظم الحائري ـ آية الله السيدمحمد باقر الحكيم ـ آية الله السيد محمود الهاشمي ـ آية الله السيد محمد تقي المدرسي ـ آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي ـ العلاّمة السيد عبد العزيز الحكيم ـ العلاّمة الشيخ محمد باقر الناصري ـ العلاّمة الشيخ علي الكوراني ـ العلاّمة السيدمحمد باقر المهري ـ العلاّمة السيدحسين هادي الصدر ـ العلاّمة الشيخ جواد الخالصي ـ العلاّمة السيد علي الحائري ـالحاج محمد صالح الأديب ـ السيد علاء نجف(د. علاء الجوادي) ـ السيد د.أبراهيم الجعفري(الأشيقر) ـ السيد أكرم الحكيم .

من خلال أستعراض الأسماء المذكورة ،يمكن القول بأن ثلاث كتل ساهمت في التأسيس هي : كتلة السيد الحكيم وكانت تسمّى بجماعة خط المرجعية وكتلة حزب الدعوة الأسلامية وكتلة المستقلّين ومحورها السيد الهاشمي(ويمكن أعتبار الكتل الثلاث السابقة بأنها المعبّرة عن خط الشهيد السيد محمد باقر الصدر آنذاك)، أضافة الى تمثيل محدود لشخصيات وجهات أخرى معروفة في الساحة الأسلامية العراقية أبرزها آية الله السيدمحمد تقي المدرّسي..(بالطبع كاتب هذه الدراسة كان ضمن كتلة خط المرجعية التي يقودها السيد الحكيم رضوان الله عليه)

ونحن بصدد كتابة تتمّة هذه الدراسة ، حصلنا على معلومات عن دورأيجابي ومؤثر لعبته أوساط وشخصيات عراقية في دول المهجر بين عام 1981 و1982 م ،ساهمت الى جانب الجهود الأخرى في دعم وتسريع الأتّصالات والحوارات والتحركات بأتجاه بلورة و أنبثاق المجلس الأعلى عام 1982، ومن تلك الأدوارالمؤثـّرة ، دورلعبته شخصيات أسلامية عراقية معروفة وخاصة في الساحة البريطانية ، منها الشخصية القيادية المربّي الدكتوربهاء الوكيل والقيادي السيد الدكتورعلاء الحسيني أبوتحسين والقيادي الدكتورعبد الستار أبورعد والأستاذ محسن زاغي وآخرين(ولهم جذور حركية معروفة)، حيث تحركوا بصفة مستقلة وقاموا بأجراء جملة أجتماعات وحوارات وأتصالات مع المعارضين العراقيين في الخارج من جهة ومع القيادات الأسلامية و في مقدمتهم السيد محمد باقر الحكيم من جهة أخرى و الذي حملوا اليه خلاصة نتائج الحوارات والمقترحات (تم تقديم تلك الرؤية والمقترحات بأسم لجنة التنسيق الأسلامية لتحرير العراق) ومنها مقترح عقد مؤتمر عام لأختيار نخبة من المعارضين وتأسيس أطار مشترك ينسّق بين جماعات المعارضة الأسلامية المتنوّعة ، ويوحّد جهودها في مواجهة النظام البعثي آنذاك...وهو ما تحقّـق فيما بعد من خلال أطروحة المجلس الأعلى .بالطبع الرغبة بتوحّد قوى المعارضة وأجتماعها في أطار مشترك واحد ، كان همّا مشتركا لكل الجاليات والشخصيات العراقية في كل بلدان المهجر لمعرفتهم بطبيعة النظام القمعي الحاكم آنذاك في بغداد وأيمانهم بأهمية توحيد الكلمة ورص الصفوف في مواجهته...وضرورة التصدّي السريع لمحاولات دوائر خارجية لفرض قيادات مفبركة للمعارضة...

نعود الى حقبة التأسيس فنقول: كان هناك تصوّرين عن صيغة الأطار المشترك المطلوب، الأول يدعو الشخصيات والقوى الأسلامية العراقية الى بدء خطوات سريعة ومتدرّجة بأتجاه الأنصهارفي كتلة ثورية منسجمة ذات قيادة واحدة وقانون داخلي واحد، فضلا عن الأهداف والوسائل الموحدة...لغلبة مشتركاتهم العقائدية والسياسية وحتى الحركية(تاريخيا) وأنتماء أغلبهم الى مدرسة الشهيد السيد الصدر الأول(رض)،أضافة الى أنهم يمثـّلون (ويدافعون عن)نفس الشريحة الأجتماعية المظلومة داخل الوطن.كان السيد الحكيم على رأس الداعين للأخذ بهذا التصور ومعه الشخصيات العلمائية غير الحزبية وكذلك الكوادر الحركية التي جمّدت نشاطها التنظيمي وكانت مبكّرة بالسيرعلى خط المرجع السيد محمد باقر الصدر{وهي نفس العناصرالتي بدأت ومنذ أواخرالستينات من القرن الماضي بتداول أفكارمختلفة عن الثقافة الحزبية السائدة،أفكارمثل : قيادةالمرجعية الدينية الرشيدة للأمة والقيادات الحزبية هي قيادات وسطية تعبوية،وأن الجماعة الصالحة( أي شيعة أئمة أهل البيت عليهم السلام) هي الحزب بمفهومه السليم وليس من الصحيح ولامن الحكمة زيادة عوامل الأنقسام داخل هذه الجماعة التاريخية الشاملة بأنتماءات تنظيمية ضيّقة والتي هي بدورها قابلة للتشظّي ،مع بقاء دور هام وضروري للتنظيم الأسلامي في مواجهة الأعداء المنظـّمين ولكن دون أن يأخذ موقع القيادة الأسلامية الشرعية للأمة،ومن أفكارهم أيضا:الدورالأساسي للقواعد الشعبية أي الجماهيرفي التحرك وفي التغييروضرورة الأنفتاح عليها وعدم أستبدالها بالنخب الحزبية الضيّقة المعزولة،مع الأيمان بضرورة التنظيم دون أن يعني ذلك أعتمادالأنتماء للتنظيم معيارا للأنفتاح والتعامل..وغيرها من المنطلقات والمفاهيم المتميّزة التي كانت تلك الكوادر تتداولها في نقاشاتها وفي نشراتها الخاصة وهذا الجو الثقافي السائد لدى تلك الكوادر الحركية هو السبب الذي أدّى الى تفاعلهم الأيجابي والسريع مع قيادة السيد محمد باقر الحكيم عند بدء تحرّكها خارج الوطن أواخر عام 1980م مع أخذهم بنظر الأعتبار الرعاية الخاصة التي كان الأمام الراحل يوليها لسماحته آنذاك،ولعلم القاريء الكريم فأن اللجنة الأستشارية للسيد الحكيم كانت هي المطبخ الرئيسي لبلورة رؤى ومواقف الخط (خط المرجعية الدينية والأنسجام مع القيادة الشرعية)،ومنها تم أختيار أدارة مكتب العراق الذي سبق تأسيس المجلس الأعلى وكذلك أختيار من يمثّل الخط في النخبة التأسيسية للمجلس الأعلى ،وأتذكّر أن السيد الحكيم كان يحرص على بحث أهم القضايا داخل تلك اللجنة الأستشارية التي كانت أحيانا تعقد ثلاث أجتماعات في اليوم الواحد( أتذكّر في أحدى الليالي كنت أنا والأخ السيد علاء الجوادي قد تأخّرنا في أجتماع مع السيد الحكيم وكنا على وشك الخروج من منزل السيد عند منتصف الليل عندما قال: يبدو أننا لم نتعشّى هذه الليلة وقلنا نعم هذاصحيح ومنعنا الخجل من التذكير به،وذهب رحمه الله وجلب صينية أعدّتهاالسيدة الفاضلة أم صادق حفظها الله وفيها بيض وبطاطا وخبزوطماطة و جلسنا سوية وتعشّينا..) ،طبعا كانت اللجنة الأستشارية ذات قرار بالرغم من أسمها ..وكان السيد يحرص آنذاك على تسجيل خلاصات كل الأبحاث بخطّه الجميل على قصاصات ورق صغيرة يحتفظ بها(من أبرز أعضاء تلك اللجنة في فترتها الأولى المرحوم العلامة السيد عبد العزيزالحكيم والعلامة الشيخ محمد تقي المولى والسيد المهندس علاء الجوادي والعلامة الشيخ همام حمودي والمرحوم الصيدلي عباس الجنابي وكاتب هذه الأسطر، وألتحق بها عند مجيئه من الشام العلامة السيد محمد الحيدري الخلاني... وتوسّعت لاحقا لتضمّ العلامة السيد صدر الدين القبانجي والعلامة الشيخ جلال الدين الصغير والعلامة الشيخ فاضل المالكي و الدكتور علي رمضان الأوسي والحاج طالب البياتي والمرحوم أبوذرالحسن...، بالطبع حصلت متغيرات في هذه اللجنة الأستشارية خاصة في حقبة التسعينات وأفضـّل أن يكتب غيري عن تفاصيلها لعدم أكتمال المعلومات عندنا ) .

أما التصوّرالثاني ،فقد كان يدعو الى أقامة جبهة تضم الأحزاب والقوى الأسلامية ،ويتم تمثيل تلك الأحزاب وفق معادلة تتناسب وأحجامها وفاعليتها في الساحة، وكانت التنظيمات الأسلامية المعروفة آنذاك تتبنـّى هذا التصوّر وترفض صهر كياناتها في كيان ثوري واحد .بالطبع من أسباب حماسة البعض للتصوّر الثاني: أزمة الثقة التي كانت قائمة بين البعض، والتنافس على النفوذ في الساحة الوطنية أضافة الى الأعتزاز بالتاريخ وضخامة التضحيات التي قدّمتها الحركات الأسلامية أضافة الى عدم وضوح بعض تفاصيل الأطار المشترك الجديد وطبيعة الضوابط الضامنة لعدم مصادرة رأسمالها السياسي والأجتماعي لصالح جهة واحدة،يجب أن لاننسى بأن المجلس الأعلى كان هو التجربة الأولى للأسلاميين في العمل ضمن أطار عمل مشترك واحد ، فلم يخوضوا مثل هذه التجربة منذعقود أي منذ التأسيس،بينماخاضت القوى السياسيةالعراقية غير الأسلامية ومن وقت مبكّر نسبيا تلك التجربة..كما في تجربة جبهة الأتحاد الوطني التي سبقت حركة 14تموز 1958م التي جمعت الأحزاب المعارضة آنذاك، وكذلك تجربة (جود) و(جوقد) التي جمعت قوى عراقية معارضة في دمشق في 1973وما بعدها...،ويجب أن لاننسى بأن التحرك السياسي والأعلامي والتنظيمي للقوى الأسلامية العراقية في أيران بعد أنتصار ثورتها ،أيضا كانت هي التجربة الأولى في التحرك العلني والحروالبعيد عن قيود وأرهاب الأجهزة القمعية التي كانت تقف لهم بالمرصاد داخل الوطن ،والتحرك العلني بعد فترة طويلة من القمع والكبت يؤدّي الى أنطلاق الطاقات المكبوتة وأنفجارالعنفوان الحزبي وتصاعد الطموحات عند القوى والأفراد...ومضاعفات كل ذلـك تتعارض مع مايتطلّبه النضال ضد أعتى نظام قمعي مدعوم من أغلب القوى الأستعمارية والأنظمة الرجعية في المنطقة آنذاك، ويتناقض مع مستلزمات وحدة الكفاح الشعبي، وهي : وحدة الرؤى والمواقف ورص الصفوف وتحاشي الصراعات الجانبية وتوجيه الطاقات كلها نحو العدو المشترك والتضحية بكل الطموحات والمصالح الشخصية من أجل المصلحة العامة ، في الواقع لم يتم حسم أتجاه التحرك لكلا التصوّرين وربما تبلور حل وسط يتمثّل بتقسيم المواقع ومراكز القوى على الأحزاب والجهات المشتركة وبما يشبه حالة (الجبهة) ولكن أعتبار مشاركة الأعضاء في الأطار المشترك بصفتهم الشخصية وليست بصفة تمثيل الحزب أو الجهة التي ينتمون اليها .وبدأت مسيرة المجلس بأعلان وجوده بعد ثلاثة أشهرمن عقدالأجتماع التأسيسي ،وهي الفترة التي أستغرقها وضع وأقرار النظام الداخلي..والذي أعتبر الهيئة التأسيسية هي السلطة العليا في المجلس (16 عضوا)، ومع أن أغلب أعضاءهذه الهيئة محسوبون على خط الشهيد السيد محمد باقر الصدر..الا أنه تم تقسيم مواقع المجلس الأساسية الثلاثة على الكتل الثلاث الرئيسية فكانت رئاسة المجلس بيد كتلة المستقلين والمكتب التنفيذي من حصة حزب الدعوة الأسلامية والناطقية لكتلة خط المرجعية ، وتصدّى لها السيد الحكيم وكان هو الموقع الوحيد المعلن للرأي العام وباقي المواقع والعضوية سرّية أو هكــذا يفترض بها...وضمّت هيكلية المجلس أيضا الوحدات التنفيذية (الأعلام والتعبئةالشعبية والخدما ت الأجتماعية والمعلومات والعلاقات الخارجية واللاجئين والمهجّرين والمالية والأدارية) ومكتب الناطق الرسمي، أضافة الى اللجان الدائمية وأهمها اللجنة السياسية .

مع أن مسيرة المجلس الأعلى في السنوات اللاحقة لم تضم (ولأسباب مختلفة) كل الشخصيات التي ساهمت في التأسيس، الاّ أنها تمكّنت من أثبات وجود كيان سياسي قيادي فاعل ليس في الساحة الأسلامية فقط بل في الساحة الوطنية العراقية...كيان بدأت الكثيرمن الأوساط السياسية و من الدوائر الأقليمية والدولية تعتبره الأطارالسياسي الأكثرقدرة وجدّيةعلى مواجهة النظام البعثي، لتمثيله شرائح واسعة من أبناء العراق ولقدرته على التفاهم مع الشرائح الأخرى وأمتلاكه لأمتدادات حقيقية داخل الوطن ، وبدأت دوائركثيرة أيضا بالنظر الى شخصية السيد محمد باقر الحكيم بوصفها القيادة الوطنية المؤهّلة لتوحيد قوى المعارضة العراقية وطرح وأدارة مشروع وطني للتغيير في العراق ، للكفاءة السياسية والأدارية والعلمية التي كان يتمتّع بها وللمكانة الأجتماعية والسياسية والدينية التي كان يشغلها لدى الشعب العراقي وقواه الوطنية (لخصائصه الشخصية وأيضا لأنتسابه العائلي لأحد أشهر المراجع الدينيين المعاصرين في العالم الأسلامي فهونجل الأمام السيد محسن الحكيم رضوان الله عليه)، فضلا عن تفرّغه الكامل للقضية السياسية ،وهومالم يفعله أي فقيه عراقي آخر خاصة في حقبة الثمانينات من القرن الماضي،مع ميله النفسي للتفرّغ ولولساعات محدودة في الأسبوع(كما كان يقول لنا) لمهامه الدينية العلمية بوصفه مدرّساوأستاذا لعلوم القرآن في الحوزة ومهتمّا بشكل خاص بدراسة حركة أئمة أهل البيت عليهم السلام وله مؤلّفات قيّمة منشورة في هذا المجال و نشاطه المتميّز في حقل التقريب بين المذاهب .وممّا عزّز مكانته السياسيةأيضا نجاحه في كسب تأييد ودعم دولتين أقليميتين مؤثّرتين جارتين هما أيران وسوريا بالرغم من الأختلاف الكبير بين أنظمتهما السياسية وبناء علاقات أيجابية متوازنة مع حكومات دول الجوار العراقي ، بالطبع دون التنازل عن ثوابته الوطنية. الذي حقّق كل تلك السمعة والأرضية الوطنية الأيجابية وأضافة لأستشهاد أغلب أخوانه وأعتقال كل الذكورمن عائلته الكبيرة داخل الوطن ، هونهجه السياسي والمشروع الوطني الذي طرحه لكل القوى الراغبة بالتغيير في العراق، وليسمح لنا القاريءالكريم هنا بأستعراض أبرز مفردات ذلك النهج السياسي المتميّز :

ـ الأنفتاح على كافة القوى الوطنية العراقية من مختلف الأنتماءات الدينية والقومية و المذهبية والحزبية ، والسعي لوحدة حركتها الجهادية الميدانية ضد النظام القمعي .

ـ لامساومة ولامهادنة مع النظام البعثي الحاكم(بعد أنتفاضة1991م قام وفد عربي بأيصال عروض مغرية للمجلس للمشاركة في الحكم مع نظام صدام ولكن السيد الحكيم ورفاقه عرفوا طبيعة النظام البعثي الغادرة ولم يساوموا على حساب دماء الشهداء) ، والكفاح الشعبي مستمر حتى أسقاطه، و التغيير يصنعه الشعب العراقي وحده ،ودورالآخرين في المنطقة والعالم هوعزل النظام سياسيا وعدم تمكينه من كل مايساعده على البقاء،أضافة الى دعم نضال الشعب العراقي .

ـ الأنفتاح على شعوب وحكومات المنطقة والعالم المستعدّة لدعم مطالب الشعب العراقي المشروعة في الحرية والأستقلال والسيادة وأحترام هويته الحضارية والخلاص من نظام الحكم القمعي الشمولي ، والتصدّي للتمييز العنصري والطائفي .

ـ بعد أسقاط النظام،الشعب العراقي هوالذي يقرر ومن خلال الأنتخابات والآليات الدستورية(طبعا بعد أقرار دستور جديد) طبيعة نظام الحكم وهويته السياسية وهويختار ممثّليه في البرلمان ويختار ويحاسب ويغير حكّامه ، دون أي ضغط أوتبعية للدوائر الأقليمية أو الدولية .

لم تكن مفردات النهج السياسي الذي أشرنا اليه كلمات على ورق، بل تصدّى لها عمليا ، ويتذكر المتابعون للشأن العراقي خاصة في حقبتي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي مبادرة المجلس الأعلى (وبكلمة أدق مبادرة كتلة خط المرجعية التي يقودها السيد الحكيم) الى الأنفتاح على قوى الحركة الوطنية العراقية غير الأسلامية والتي أنتهت الى تشكيل (لجنة العمل المشترك)التي تم الأعلان عنها في بيروت ،دون أن ننسى حماسة أغلب الأحزاب الوطنية لأنجاح تلك المبادرة ودورالدول الشقيقة والحليفة، وكذلك نتذكّر مبادرة كتلة السيد الحكيم (الخط) لبناء علاقات سياسية على مستوى عال مع حكومات وشعوب دول مجاورة وغير مجاورة (ربما كانت قيادة السيد محمد باقر الحكيم هي القيادة الوطنية العراقية الوحيدة التي وبالرغم من أستقرارالمقرالمركزي لها في الجمهورية الأسلامية،الاّ أنها أقامت (وحافظت على) علاقات أيجابية متوازنة مع دول أخرى مثل سوريا وتركيا والمملكة العربية السعودية و الكويت والأردن وفتحت مكاتب لها في النمسا ولندن وواشنطن وجنيف ومثّلها عراقيون معتمدون في دول أخرى كثيرة...فضلا عن نشاطها المتميّز في القسم الأوربي من الأمم المتحدة ولجان حقوق الأنسان الدولية ، بل وساعدت قيادة المجلس شرائح عراقية أخرى على أيصال صوتها ومظلوميتها الى تلك المحافل الدولية كما حصل مع أخوتنا المسيحيين العراقيين عندما أصطحب السيد الحكيم أحد كبار علمائهم المنفيين في سفرته الى جنيف ولقائه بالأمين العام للأمم المتحدة في أوائل التسعينات..ولابد أن نترحّم هنا على الشهيد علي العضاض ونذكر بالخير الجهود الهائلة للدكتور عبد الصاحب الحكيم مقرر حقوق الأنسان وسفير السلام العالمي ).

ويجب أن نلتفت هنا الى أن المفردات و المواقف أعلاه قد تكون في الوقت الراهن أو حتى في أواسط التسعينات من القرن الماضي (حيث أنفتحت دوائر أقليمية ودولية على المعارضة العراقية بعد غزو الكويت) مواقف طبيعية وبديهية لدى أغلب السياسيين العراقيين ، الاّ أنها لم تكن كذلك في حقبة الثمانينات التي لم يكن أغلب الأسلاميين يقبل حتى التفكير بها لطغيان قوانين العمل الفكري عندهم على قوانين العمل السياسي ولعدم النضج السياسي وقلة الخبرة في مجال العمل السياسي آنذاك وعيش أجـواء أنتصار الثورة في أيران التي أعطت الأسلاميين عموما والأسلاميين العراقيين خاصة شعورا مبالغا فيه بالأعتداد بالنفس وربما لدى البعض شعورا بعدم الحاجة الى القوى الوطنية العراقية الأخرى ، و ساهمت في تأجيجها مواقف طفولية من الأسلام والحركات الأسلامية لدى بعض الفصائل اليسارية والعلمانية ودخول بعض تلك الفصائل في تحالفات وجبهات (وطنية !!) مع البعث الحاكم آنذاك في وقت كانت فيه طاحونة القمع والقتل والأعدام الصدامية تطال المئات من الأسلاميين (أوائل وأواسط السبعينات )....

قوانين العمل الفكري لاتعرف المنطقة الرمادية ، فأما حـق أبيض وأما باطل أســود ولامجال للتداخل فيما بينها..أما قوانين العمل السياسي فتسعى الى مساحة الممكنات ...رسول الأسلام (ص) لم يكن يقبل مطلقا الخلط بين عقائد الأسلام الحقـّة البيضاء وبين عقائد يهودية باطلة ، ولكن رسول الأسلام نفسه (ص) كان يسمح بعقد هدنــة مع اليهود اذا أقتضت المصلحة الأسلامية ذلك...هذا هو الفرق بين قوانين العمل الفكري وقوانين العمل السياسي وضمن نفس المنظومة الفكرية أو العقائدية (أي الأسلام) ..لاأزال أتذكّر الضجة التي أثارها بعض أعضاء المجلس من المنتمين لأحدى الأحزاب الأسلامية ،عندما تناهى الى أسماعهم خبرلقاء وفد قيادي أسلامي (برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم وعضوية السيد محمد الحيدري /في أوائل الثمانينات )بالرئيس السوري الراحل ، وكنا حينها في أجتماع الهيئة القيادية للمجلس وأعتبروا الزيارة موقفا سياسيا خاطئا ومتعارضا مع الهوية الأسلامية للمجلس ...ولكن وهو الأمر العجيب : سرعان مانسي المنتقدون مؤاخذاتهم على مبادرة المجلس أوفي الواقع مبادرة السيد الحكيم ، وسارعوا للأتصال بالحكومة السورية وبمستويات أقل بكثير من المستوى الذي ألتقى به مبعوثي كتلة السيد الحكيم وفتحوا مكاتب هناك...

بالطبع موقفهم الثاني هو الصحيح ، ولاأزال أتذكّر الضجة العالية التي أثارها أخوين من أعضاء المجلس الأعلى وهما قياديان في احد الأحزاب الأسلامية ، عندما طرح أعضاء آخرين في المجلس من المرتبطين بخط المرجعية (اي كتلة السيد الحكيم) في أحدى الأجتماعات موضوع المباحثات مع الأحزاب غير الأسلامية وأهمية تطويرها وصولا الى بناء جبهة موحّدة لقوى المعارضة العراقية ضد النظام البعثـي، وكانت أدلة المنتقدين لأطروحةالحوارهي التذكير بمواقف أتّخذها شيوعيون عراقيون في الخمسينات من القرن الماضي ضد مراجع وعلماء الدين خاصة في المدن المقدّسة وحملتهم الطفولية على القيم الدينية قبل عقود من الزمن...الخ ،متناسين أن دعوتنا لوحدة كفاح شعبي ضد الدكتاتورية لاتعني تزكية أيدولوجيات القوى المراد توحيد مواقفها النضالية ،ولكن أيضا ليس من الحكمة والنضج السياسي أستصحاب ممارسات حصلت قبل أكثر من ثلاث عقود تدينها الآن نفس الجهات قبل غيرها ...وهذا الأمر يذكّرنا أيضا بقصة واقعية طريفة فيها الكثير من مصاديق نضج وحكمة قيادة السيد الحكيم في المجلس الأعلى، أتذكّر في أواخر عام 2002م وعندما أقتنعت قيادة المجلس المتمثـّلة بالسيد الحكيم والثلّة العاملة معه (وبضمنهم كتلة الشهيد عزالدين سليم وكتلة المرحوم الشيخ جاســم الأسدي ) وبعد متابعة وتحليل دقيقين ونقاشات سياسية قيادية مستفيضة، بأن الأعصار العسكري الأمريكي قادم لامحالة الى المنطقة والى العراق خاصة بعد غزو أفغانستان ، وذلك ليس أستجابة لأستغاثة المظلومين في العراق وأنما لتداعيات العمل الأرهابي الذي حصل في نيويورك وواشنطن ومحاولة أعادة الهيبة للدولة الكبرى وأستغلال الحدث لتنفيذ سيناريوهات قديمة للهيمنة على المنطقة ...

عندما أقتنعت قيادة المجلس بذلك بدأت بالتحرك لأستثمار المستجدّات لصالح قضية الشعب العراقي المظلوم دون التفريط بالثوابت..وشاركت من هذا المنطلق في لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر وطني عام خارج الوطن لدعم حقوق الشعب العراقي وتمكين ممثـّليه من ملأ الفراغ في حالة أنهيار النظام، هذا الموقف والتحرك لم يستوعبه البعض في جهات أخرى وبدأوا بالتشويش وأطلاق التهم تجاه المجلس الأعلى وبدأت بعض صحفهم بالغمز واللمز...

في تلك الأيام وصلنا تكليف من قيادة المجلس الأعلى(السيد الحكيم) وكنا نقيم حينها في احدى دول المهجر، بأن نذهب لزيارة قيادي أسلامي معروف يقيم في نفس البلد(تشكّل الوفد المجلسي من كاتب هذه الأسطر والأخ طالب البياتي والسيد د. علاء الجوادي والدكتور سعد جواد والأخ رضاجواد تقي) وكلّفني الأخوة أعضاء الوفد بالتحدث بأسم الوفد ونيابة عنهم، وقمت بأيصال الرسالة الشفوية المكلّف بأيصالها من السيد الحكيم ، وخلاصتها(أن قيادة المجلس الأعلى متمثّلة بالسيد الحكيم وبعد أبلاغ تحياتها لكم تقول أذا كان الأخوة في الحزب يرغبون بالمشاركة في تحرّكنا فأننا مستعدون للتحرك على الأطراف الأخرى لقبولكم طرفا رئيسيا فيه ، وأذا لم يكن هناك مقعد شاغرفي قيادة ذلك التحرك الوطني (الذي كان يضم أيضا الحزبين الكرديين الرئيسيين) فالسيد الحكيم مستعد للتنازل عن مقعد المجلس الأعلى لصالح ممثل الحزب، وأذا لم يكن الحزب مقتنعا بالمشاركة في هذا التحرك ويفضل أتخاذ موقفا سياسيا آخر..فلا بأس بالتكامل والتنوّع في المواقف خدمة لمصالح شعبنا..ولكن مايطلبه المجلس الأعلى ويتمنّاه أن يوقف بعض الأخوة من أعضاء حزبه حملة الأتّهامات والتشكيك ضد رجال المجلس وضدسياساته في المجالس العامة... فكان جواب الأخ القيادي:أن المشروع الذي تتحرّكون به هومشروع أمريكي ونحن لدينا مشروع وطني(وكان يشير الى أجتماعات عقدها ممثلون لحزب الدعوةالأسلامية والحزب الشيوعي والحزب

الأسلامي وحزب البعث/قيادة قطر العراق الموالي لسوريا)...ولكن ما أن أنقضت أسابيع ووقعت الأحداث التي توقّعتها قيادة المجلس وسقط صنم رأس النظام، حتى رأينا تغيرا بمائة وثمانون درجة لدى ذلك الأخ القيادي ورفاقه في الحزب وبدأ التسابق على النفوذ في النظام الجديد...لاأعلم لحد الآن هل كان جواب الأخ القيادي يشير الى وجود تحركين لدى الجهة المذكورة أحدها مثالي معلن والآخربراغماتي سري أويشيرالى تأخّر في الوعي والأستيعاب لما يجري في العالم والمنطقة من أحداث وهو الأحتمال المرجّح لدينا ...و هنا يبرز تساؤلين مشروعين:الأول :كم يكلف الشعب والوطن ذلك التأخّر(ولاأريد أستخدام كلمة التخلّف) في الوعي؟ والثاني : أليس من الأنصاف الأعتراف للبعض بأسبقيتهم في الوعي والنضج السياسي وأسبقيتهم في المبادرة للتحرك الصحيح في الوقت المناسب؟

الوعي والنضج السياسي والأجتماعي( وحتى الثقافي) العالي لدى قيادة المجلس الأعلى لم يأت من فراغ وليس هونوع من التنجيم أوالصدفة أوردود الفعل أوأجتهادات وامزجة شخصية و آنية...بل هي نتيجة طبيعية للمنطلقات العقائدية والسياسية السليمة التي يحملها قادته وهي محصّلة حتمية للمدرسة الفكرية والحركية التي درسوا فيها وتخرجوا منها وهي المدرسة الأسلامية على نهج أئمة أهل البيت عليهم السلام،ذلك النهج الذي لايعتبرسقوط دولة الخلافة العثمانية هي المنطلق لتأسيس العمل السياسي التنظيمي المعاصروهو للأسف ماتعتقد به أغلب الأحزاب الأسلامية العراقية والعربية، وهي مقدّمة خاطئة وغير واقعية ومتأثّرة بقراءة خاطئة للتاريخ ولاتنسجم مع المنظومة العقائدية التي نحملها...وستقود المقدمة الخاطئة( وربما المنحرفة)بالتأكيد الى نتائج خاطئة ومسيرة منحرفة ، وأنماالمنطلق هو(معرفة تكليف الفرد المسلم وتكليف الجماعة الصالحة في عصر الغيبة الكبرى للأمام المهدي المنتظر عليه السلام)الذي نعيش مرحلة متقدّمة من مراحل تلك الغيبة...والأمة( والشعب العراقي في قلبها) يعيشون تراكما هائلا لنتائج عمل لقرون من الزمان نهض به أئمة معصومون وفقهاء وعلماء ورجال صالحون وضمن تخطيط ألهي شامل للأنسان وللمجتمعات البشرية ،والقيادة الأسلامية الرشيدة هي التي تكتشف وتشخّص موقعها بالضبط في تلك المسيرة التاريخية.الوعي والنضج السياسي والأجتماعي والثقافي العالي لدى قيادة المجلس هو نتيجة طبيعية لمحورية دورالسيد محمد باقر الحكيم في تلك القيادة ،وشخصية السيدالحكيم لم تتبلور عبثا، بل جاءت كنتيجة طبيعية لثلاث بيئات تربوية،الأولى دراسته وتبلور شخصيته العلمية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف وهي أعرق جامعة أسلامية ليس في العراق وحده بل في العالم الأسلامي وفيها علوم الأسلام السالم من التحريف ..أي علوم الأسلام من منبع أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين ينقلون بأمانة ما جاء به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خاتم الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله تعالى..و الثانية المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف (مقر المرجعيات الدينية الرشيدة)، فهو ترعرع في بيت مرجع الطائفة الأمام السيد محسن الحكيم (رض) وكان أحد أبرز من يمثّلها ويتحرك بتوجيهاتها في أواخر الخمسينات والستينات من القرن الماضي خاصة في المهمات السياسية والأجتماعية الحسّاسة ،وهو أيضا أحد تلاميذ المرجع المجدد والمفكر الكبير ومفجّر الثورة في العراق السيد محمد باقر الصدر (رض) وأحد معتمديه المتميّزين الذي ورث الكثير من نهجه السياسي والعلمي والثقافي والحركي... ذلك النهج الذي لعب دورا أساسيا في تصحيح مسيرة الحركة الأسلامية المعاصرة. أما الثالثة فهي تجربة الثورة الأسلاميه والقيادة الأسلامية الفذّة والدولة الأسلامية في الجارة الشرقية والتي عاشها السيد الحكيم منذ بداياتها وكان قريبا جدا من قيادتها ومؤسّساتها وراقب ودرس عن قرب نقاط القوة والتحدّيات الصعبة وحكمة قيادتها، وهي تجربة لايعرف قيمتها من لم يعشها ويعاصر عن قرب أحداثها وفصولها..فقد كانت بحق ثورة شعبية ذات قيادة أسلامية فذّة مستقلة زاهدة وكفوءة وصادقة مع ربّها ومع نفسها وشعبها تقول ماتؤمن به وتفعل ماتقول...

كما تفضّل الله تعالى على قيادة السيدالحكيم بنخبة من الشباب المؤمن المطيع من ذوي التجربة الحركية الطويلة والوعي الفكري والسياسي الرصين ومن ذوي القدرات التنفيذية الهائلة و السمعة الأجتماعية الحسنة، عملوا معه وتحت أشرافه منذ بداية الثمانينات وكانت الأجتماعات التي تجمعهم معه خير مطبخ للرؤى والمواقف والتحليلات، وهذا أيضا من أسباب النضج السياسي العالي لدى نخبة المجلس الأعلى ،خاصة عندما ألتحقت بهالاحقا شخصيات ذات عقول سياسية كبيرة مجرّبة ...يجب أن نعرف قيمة الشخصيات المتميّزة التي عملت مع السيد الحكيم سواء التي بدأت معه مبكرا أو تلك التي ألتحقت فيما بعد،والمكانة والدور المتميّزللرمز القيادي يجب أن لايعني مطلقا غمط مكانة وأدوارالآخرين، والمرء كثير بأخوانه(يحزنني كثيرا أن نسمع أو نقرأ ونشاهد مواد أعلامية تختصر تاريخ المجلس الأعلى ومسيرته في شخص واحد، قد يتغير أسم الشخص ولكن يبقى نفس المنهج في كتابة التاريخ..وأكاد أجزم بأن من يكتب بهذا المنهج أما يجهل التاريخ أوممّن لامساهمة حقيقية له في بناء ذلك التاريخ أو هو من المتملّقين وما أكثرهم)...ليس سهلا أن تجتمع في جهة واحدة شخصية تنفيذية وذات قدرات متميّزة في مجال بناء وأدارة العلاقات السياسية والأجتماعية مثل السيد عبد العزيز الحكيم وشخصيات قيادية مفكّرة ومنظّرة وتنفيذية مثل الشيخ همام حمودي والمهندس السيد علاء الجوادي وشخصيات منظّرة وذات عقول سياسية كبيرة وعميقة الرؤية مثل السيد د. عادل عبد المهدي ...وشخصيات كبعض من ذكرناهم من أعضاء اللجنة الأستشارية للسيد الحكيم في الثمانينات ...

لانبالغ مطلقا اذا قلنا بأن كتلة السيد الحكيم في المجلس الأعلى (خط المرجعية) وحلفائها (و أبرزهم منظمة بدر بقيادة الأخ أبو حسن العامري و تنظيم الدعوة الأسلامية بقيادة الشهيد أبوياسين / عبد الزهرة عثمان / ومنظمة العمل الأسلامي القيادة العامة بقيادة الشيخ جاسم الأسدي رحمه الله) هي الكتلة الأكثرثباتا على ماتعاهد عليه المؤسّسون ، من ألتزام بأطار العمل المشترك و الثبات على الخط الفكري والسياسي لذلك الأطاروالذي يمكن التعرّف عليه من بيانه السياسي الذي قرأه الناطق الرسمي(السيد الحكيم) في مؤتمر الأعلان عن أنبثاق المجلس عام 1982 م وكذلك من وثيقة المنطلقات والأهداف الصادرة عن المجلس ،لقد كانت مقرّات المجلس الأعلى وأقسامه التنفيذية وأجتماعاته ، التي يشترك فيها عاملون من مختلف الحركات الأسلامية ومن المستقلّين خير بودقة وبيئة لبناء وحدة الصف الأسلامي ان كان الجميع صادق في ألتزامه بأطار العمل المشترك ، كما كانت بمثابة معهد لأعداد الكوادر ذات الخبرة في مجالات العمل السياسي والأعلامي والأداري والحركي والأجتماعي ...وهو ما نشعر بالحاجة اليه الآن

بالتأكيد لاحظ القرّاء الكرام للصفحات السابقة من هذه الدراسة ،أشارة الكاتب للعديد من الأسماء لقياديين مؤسّسين ورموز وأعضاء الحلقة المقرّبة في حينها للسيد الحكيم وعاملين آخرين ...سواء الذين أستشهدوا أو الذين توفّاهم الله أو الذين لايزالون أحياء ممّن يعملون لحد الآن في أجهزة المجلس أوالذين تركوه لأسباب شخصية أولأسباب تتعلّق برؤية أو موقف جديد من المجلس ، وسبب أستعراض كل تلك الأسماء كما ذكرت قبلا ،هي قتاعتنا بالآتي:( من الخطأ وعدم الأنصاف أختصار تاريخ ومسيرة حركة سياسية أجتماعية وتغييرية في شخص واحد مهما كانت مكانة هذاالشخص ودوره،لأنه أمرمخالف للواقع،ولأنه يزيل الفواصل بين مفهوم الرمزالسياسي والأجتماعي وبين شورى القرارومفهوم العمل المؤسّساتي...).

وبودي أن أذكر المزيد ممّن لاأزال أتذكّرهم من الذين عملوا في المجلس الأعلى لبيان تقديرنا وأمتناننا لأدوارهم وجهودهم مهما صغرت وفي أي موقع نضالي كانت ،خاصة في فترة النضال الصعبة والمكلّفة(وليس في زمن الوصول الى السلطة) ،و أكرّرمهما كانت مواقعهم وأدوارهم في تلك المسيرة الجهادية ، فجلّهم كانوا من الشباب (آنذاك) المؤمن والمجاهد والمضحّي والصابر والمخلص...كان دافعهم الألتزام الديني والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن الواقعين في أسر النظام البعثي القمعي.. كانوا في غاية القناعة فيما ينتظرون من قادتهم... كانوا يكفيهم مايسدّ رمقهم..وسقف متواضع يضلّلهم وعوائلهم..وعدا ذلك فكل ماعندهم من وقت و جهد وحياة يضعونها أمام قادة المجلس ومسؤوليه...نرغب هنا أن نذكر بالخير الأخوين أبوهشام وأبوأحمد باوي والأخ قاسم أبوزينب والأخ أبومرتضى الناصري والحاج أبوحوراء الشيخ والأخ أبوهاجر والأخ الجراح والأخ أبوأرسلان توتونجي والسيد أبوفراس الموسوي والأخ أبورباب ملكشاهي و الأخ أبوأركان وأبو سلام الأعرجي وأبو نورالعبيدي وأبوأبتهال العبيدي وأبوحسين النجفي وأبوأسراء الكاظمي والسيد أبوأيمان والأخ أبو حيدر درويش وأبوعباس الأنصاري وأبومروة أخ الشهيد عبد الهادي والأخ أبومصطفى جاويدان والسيد الجزائري والسيد أبومحمد التلعفري والأخ العزيزأبوصالح التركماني والشهيد أبوذر الحسن والسيد أبو محمد الأعرجي والحاج أبو كاظم صادقيان والحاج أبوصادق العلي رحمه الله والسيد أبورياض زيني رحمه الله والحاج أبوعدنان العطار رحمه الله والحاج أبوأحسان الخاقاني والسيد أبوفائز الحيدري وأبوحيدر الأسدي وأبومصطفى المياحي وأبوزينب الطبري والأخ أبو مريم الفيلي والأخ سعد قنديل والأخ أبو حيدرالجابري والأخ أبوعلي العبدلي والأخ أبو جعفر المجراوي رحمه الله وأبو هدى المجراوي والسيد أخو الشهيد علاء الشهرستاني والأخوين أبوعارف البصري وأبوعلي البصري والأخ أبوجعفرالكاظمي والأخ أبوصالح(أعلام )والأخ أبوحسنين(الأذاعة) والشهيد أبوغالب والأخوات أم مرتضى وأم سفانه وأم حسين وأم مهدي والأخت فريال و شقيقها الذي نسيت كنيته والأخت أم عقيل والسيد أبوصاحب الهاشمي والأخ أبوبشرى والأخ أبوعلي العامري والسيد أبراهيم الكوفي والأخ أبو همام والأخ أبوزينب البصري والأخ أبومهدي شعبان والمهندس أبولميس عبطان والأخ أبوأبتهال الأسدي الحلي وأبوعمار الحلي والسيد أبوسعد الموسوي والسيد حافظ أبوأحمد الياسري والأخ أبومحمد البغدادي والأخ أبومختار عودة والأخ أبوعارف غمّاس وأبوسراب التركماني والأخ أبولقاء والأخ أبومحمد الخفاجي والأخ أبوغريب والأخ أبو مجاهد البصري والشهيد أبومحمدالعامري والأخ أبوصفاء دغلاوي والأخ المضمّد أبومهدي و ...و....و العشرات ممّن أنستني الأيام أسمائهم الكريمة وأعتذرمنهم لنسياني أسمائهم وهي ضريبة العمر(بدأنا العمل في المجلس الأعلى وأعمارنا تتجاوز الثلاثين بسنتين وهانحن تجاوزنا الستين بأكثرمن سنة، ولا أعتقد بأن في من ذكرناهم قبل قليل من لم يتجاوز الخمسين سنة في الوقت الراهن وربما بعضهم الستين...وهذه سنّة الحياة)...وبعض الأخوة حتى عندما هاجر هجرته الثانيةأصبحت بيوتهم (وبيوت أخوة آخرين لم يعملوا سابقا في المقر المركزي للمجلس ) في أغلب الدول العربية و الأوربية منطلقا لخدمة مسيرة المجلس الأعلى وخدمة القضيةالوطنية والدينية في العراق، وأذكرهنا الأخ سالم أبوداود والسيد أبو ولاء الحلو والأخ أبونور الدباس والدكتورأبومنتظروزملائه الذين لاأذكرأسمائهم والأخ أبوحيدر درويش الفيلي والأخ أبو منتظر الغرّاوي وأبوجاسم الحريري وقبلهم بالطبع المهندس الأخ أبومحمد صولاغ الزبيدي والأخ السيد علي الموسوي وأبو محمد الحيدري،عشرات الأسماء التي ذكرناها قبل قليل وأمثالهم شاركوا وبدرجات مختلفة في أنطلاقة وأستمرارمسيرة المجلس ونمت مؤسّساته بجهودهم و جهودالكوادر القيادية، وعاشواالحلو والمرّ والشدّة في مسيرته وأفنوا زهرة شبابهم ، حتى لم يشعر البعض متى كبر أولادهم ومتى أبيضّ شعرهم، وللكثير من هؤلاءاليوم الحق في مطالبة التحالف الوطني الحاكم و المجلس الأعلى (حتى وأن لم يكونوا في صفوفه اليوم) بالمساعدة لتوفير مقوّمات الحياة الأنسانية الكريمة له ولعائلته وأستعادة حقوقه التي أغتصبها النظام البعثي البائد، ليس من باب المطالبة بثمن مشاركته وجهاده في مسيرة المجلس ومسيرة المعارضة، لأن أغلبهم كان يعمل في سبيل الله وأستجابة للواجب الشرعي والمسؤولية الوطنية تجاه وطنه وشعبه وأنما عرفانا وتقديرا من المجلس لرجاله وأبنائه. ونعود الى أستعراض أبرز أيجابيات مسيرة المجلس الأعلى بالرغم من خروج بعض عناصره المؤسّسة ، وهي :

  1. أعداد كادر عراقي وطني مؤهّل لأدارة مسيرة حركة المقاومة للنظام البعثي البائد في الحقول السياسية والأمنية والأدارية والتعبوية والأجتماعية والأعلامية وغيرها، وبالمحصّلة هومؤهّل لأدارة مرافق الدولة في تلك الحقول ،بعد التغييروعند أنبثاق النظام السياسي الجديد...وكما شاهدنا ذلك عمليا بعد سقوط الصنم النظام البعثي...
  2. منع المزيد من حالات التشظّي والأنشقاق في صفوف الحركة الوطنية العراقية عامة والحركةالأسلامية العراقية خاصة،من خلال تكريس مفاهيم وقيم وواقع العمل المشترك وأيجاد الحاضنةالحركية والأداريةالتي يلتقي فيهاالمعارضون عامة والأسلاميين خاصة من جهات متنوّعة ويعملون بصورة مشتركة (مع علمنا بكل السلبيات التي وقعت، فكما يقول الأمام الحسن عليه السلام :الجماعة وان كرهتم خير من الفرقة وان أحببتم ) خاصة وان الساحةالأسلامية العراقية لم تشهد ولادة أي مشروع تحرك لأطارعمل مشترك جادغيرالمجلس الأعلى ،والبديل القائم لمن ترك المجلس الأعلى،كان هوالعمل الحزبي أو الفردي أوترك ساحة العمل السياسي بصورة نهائية وكل هذه الخيارات لاترقى أيجابياتها الى مستوى أيجابيات أستمرار مسيرة أطار العمل المشترك وحتى التفاهم مع الأحزاب والشخصيات التي تركتالمجلس الأعلى، كان أسهل بكثير مع أستمرار وجود وحركة المجلس الأعلى الذي جمعهم لفترة غير قصيرة ...وهوماشاهدناه سواء في الفترة القريبة التي سبقت سقوط الصنم أو بعد السقوط عند تشكيل الأئتلافات والتحالفات الوطنية ...
  3. بناء ركيزة العمل الوطني المشترك في الساحة العراقية :ليس خافيا العلاقة التاريخية المتميّزة بين قيادة المجلس الأعلى وبين قيادات حركة التحررالكردية العراقية (ويخطا من يفسّرها بالمصالح السياسية الآنية المشتركة فقط ،بل هي نابعة من رؤية سياسية عميقة و قراءة واعية للتاريخ تظهر وبوضوح أشتراكنا معهم بالمظلومية الكبيرة التي تمتد جذورها الحقيقية الى ما قبل تأسيس الدولة العراقية المعاصرة قبل حوالي تسعين سنة، ويخطأ أيضا من يفترض بأن هذا التحالف كان موجّها ضد مكوّنات أوقوى عراقية أخرى، بل العكس هو الصحيح حيث كان دوما عاملا مساعدا لأستقطاب المكوّنات العراقية نحودعم المشروع الوطني العراقي الموحّد ،ويمكن مراجعة كل تجارب ومشاريع العمل المشترك بين القوى الوطنية العراقية على الأقل منذ أواسط الثمانينات من القرن الماضي وحتى وقتنا الراهن و مرورا بأكثرالمراحل حسّاسية وخطورة وهي الأشهرالتي سبقت سقوط النظام البعثي والسنوات الأولى بعد السقوط..فدوما كان تحالف المجلس الأعلى مع الأخوة الكرد ركيزة مهمّة للتحالف الوطني العام والتحالف لايعني القبول بكل الرؤى والمواقف السياسية أوالفكرية للطرف الحليف( وهذا المبدأ ينطبق على كل المكوّنات والحلفاء الآخرين بما فيهم الأسلاميين).لولا التعاون والتنسيق والتحالف المستقر بين المجلس الأعلى وبين الأخوة الكرد(خاصة الحزبين الكرديين المعروفين الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني) لما تأسّست لجنة العمل المشترك عام 1990م (و ضمّت حزب الدعوة الأسلامية وحزب البعث الموالي لسوريا/قيادة قطر العراق والحزب الشيوعي العراقي والتجمّع الديمقراطي العراقي/صالح دكله،وشخصيات معروفة مثل الفريق اللواء حسن النقيب وأحزاب الجبهة الكردستانية والأحزاب القومية العربية/د.مبدرالويّس وآخرين)،ولم يكن بالأمكان أيضا عقد مؤتمر صلاح الدين (تشرين الأول 1992) وضم كل قوى المعارضة الوطنية العراقية بأستثناء حزب البعث الموالي لسوريا.ولولا ذلك التحالف بين المجلس الأعلى والقيادات الكردية لما تأسّس التحالف الرباعي(المجلس والحزبين الكرديين والوفاق) الذي تحوّل الى تحالف سباعي (بأنضمام الدعوة الأسلامية بقيادة الشهيد أبوياسين و المؤتمر الوطني العراقي والحركة الدستورية الملكية وهو الذي بادر الى عقد مؤتمر لندن أواخرعام 2002م ومنه أنبثقت لجنة التنسيق والمتابعة) والتحالف السباعي تطور الى تحالف التسعة بدخول الحزب الأسلامي والحزب الشيوعي،وهو الذي أوجد الفرصة المناسبة لتشكيل مجلس الحكم الذي أدارواحدة من أعقد الحقب السياسية التي مرّبها العراق بعد سقوط النظام البعثي عام2003م،وبفضل تحالفات المجلس تم وضع وأقرارالدستوروتم أجهاض مشروع البنتاغون الذي كان يخطط لتنصيب حكام عسكريين أمريكان(بأعتبارأن العراق بلد محتل) في المحافظات العراقية مع مستشارين عراقيين..وأكثر من ذلك ..نحن نعتقد بأن الموقف السياسي الناضج الذي أتخذه المجلس الأعلى(والذي جمع بين الثوابت الوطنية وبين الواقعية التي تحرص على مصالح الشعب والوطن) تجاه الأعصار الأمريكي القادم الى العراق بعدأحداث أيلول 2001م و أحتلال أفغانستان، هوالذي أجهض خطط أعدّتها الولايات المتحدة لبناء نظام حكم موال له ومدعوم بالقوة العسكريةالأمريكية (على غراركرزاي أفغانستان الذي يفوزدوما بالأنتخابات منذ2001 ولحد الآن وتجمّع اللوي جركه الكرتوني)وتأجيل الأنتخابات وتعيين لجنة الدستور/كما تسعى لذلك هذه الأيام في مصر / من قبلها لكي يكتب الدستور كما تريده (الذي أشترك أو كان حاضرا في كواليس مؤتمرلندن أواخر2002م وأجتماعات هيئة التنسيق والمتابعة في صلاح الدين في أربيل/ أوائل2003م وأجتماعات وكواليس مجلس الحكم ، يعرف قوة وصمود المجلس الأعلى في مواقفه السياسية الوطنية المناقضة تماما للرؤى والخطط الأمريكية التي أشرنااليها ،ويعرف أيضا أن كل تلك المواقف المبدئية القوية كانت بتوجيه مباشرمن الشهيدالسيدمحمدباقر الحكيم الذي كان على أتصال مباشرومستمرفي النهار والليل باللجنة الممثّلة للمجلس الأعلى والتي كانت برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله). موقف المجلس الأعلى الثابت ،هونفسه موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف،كان موقف المجلس دعم مطالب المرجعيةالعليا من خلال أصراره على تولّي العراقيين أدارة أمنهم وكتابة دستورهم وأختيار برلمانهم وأختيار حكومتهم بأنفسهم، ودفعت قيادته حياتها ثمنا لذلك الأصرار(راجع آخرخطاب في آخرصلاة جمعة للسيد محمدباقر الحكيم للتعرّف على هوية قتلته) أن قيمة ذلك الموقف الحكيم للمجلس،قبل سقوط الصنم تتوضح من خلال التعرّف على مواقف الآخرين التي تراوحت من أصدار بيانات وكتابة المقالات التي تستنكر المشروع الأمريكي الى الأنخراط الفردي في صلب الخطط الأمريكية أوالجلوس على تلّة السلامة وأنتظارساعة جمع المغانم وترك الساحة العراقية خالية من أي مشروع وطني جاد الفرق كبيرجدا بين أن تكون للقيادة المتصدّية رؤية سياسية صحيحة وناضجة ومعلنة و يمكن الدفاع عنها أمام الشعب وتحت الشمس.وتتحرك لأستقطاب دعم كافة القوى الوطنية ووفق برنامج و ضوابط وتشكيلات مؤسّساتيه(كما تم في هيئة التنسيق والمتابعة المتكونة من 64عضوايمثلون غالبية الشرائح الشعبية المعارضة للنظام البعثي والتي قاطعها البعض)، وبين تحرك أفراد لوحدهم(على دوائر دولية) وفي الخفاء لعقد صفقات تنطلق من حسابات حزبية أو شخصية لم يطلع عليها الشعب .. الذي أعتمده المجلس الأعلى هو الخيار الأول ..ويمكن توثيق كل ذلك أمام الرأي العام العراقي... المشكلة هي أن منهج الخيار الثاني لازال يعتمده البعض وهو في سدّة الحكم ...!!
  4. الأطروحة السياسية والفكرية التي تأسّس المجلس الأعلى وفقها، كانت تنطلق من مبدأ ولاية الفقيه وقيادة المرجعية الدينية والدور المتميّز لعلماء الدين المجاهدين والدورالأساس للجماهير الشعبية (المليونية)مع عدم ألغاء دورالتنظيمات الفاعلة. تداول هذه الأفكاروالترويج لها،خاصة اذا كانت مدعومة بمنطلقات عقائدية وتراث تاريخي عميق الجذور ،أوجد أوساطا شعبية ونخبوية واسعة تتفاعل أيجابيا وبسرعة مع تلك المفردات التي برزت وبقوة داخل الوطن بعد سقوط النظام البعثي عام2003م ، وهو ماأثبت صحة مواقف قيادة المجلس الأعلى التي كانت تراهن كثيرا على دور قيادي للمرجعية الدينية ودورأساسي للجماهير المليونية..من ينكر فضل ودورهاتين المفردتين (أي المرجعية العليا والجماهير) في أهم الأحداث التي وقعت بعد سقوط الصنم، مثل الأنتخابات وأقرارالدستوروتشكيل التحالف الوطني ومنع السقوط في هاوية الفتنة الطائفية ودفع الجماهيرالموالية للتواجد في الساحة...
  5. أمابعد سقوط النظام البعثي، فقد كان رجال المجلس وقادته في صدارة المتحركين داخل الوطن وكانت علاقاتهم وتحالفاتهم السياسية مع القوى الوطنية المتنوّعة،ومبايعة قيادتهم المبكّرة للمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف(وهوماينسجم تماما مع طبيعة منطلقاتهم الفكرية والسياسية)، كان كل ذلك من أقوى العوامل المساعدة في تأسيس أطر العمل المشترك وبلورة الرؤى والمواقف الموحّدة للقوى الوطنية العراقية عامة وللقوى الأسلامية خاصة ولعب السيد عبد العزيزالحكيم(بعدأستشهاد القيادة التاريخية للمجلس) والثلّـة المؤمنة من قياديي المجلس الذين ألتـفّوا حوله ودعموه، لعب دوراأساسيا في توحيد الصف الأسلامي والوطني وخاصة في بناء الأئتلاف العراقي الموحّد وفي بناء العلاقة الأستراتيجية مع المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف وفي طمأنة الأصدقاء وحكومات الدول المجاورة والعامل الدولي الذي كان موجودابعنفوانه داخل الوطن...وكانت أهم الرؤى و السياسات والمواقف التي يتبنّاها الأئتلاف العراقي الموحّد..تأتي في الغالب من مطبخ أجتماعات المجلس القيادية التي كان يديرها السيدعبدالعزيزالحكيم رحمه الله وتشارك فيها نخبة رجال المجلس.

هذه بعض أهم نتائج مسيرة المجلس الأعلى الذي عشنا في الأسابيع القليلة الماضية الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيسه.....ولكن ليست هذه الأسطر والصفحات كل ما يجب أن نذكره عن المجلس..فالتاريخ والواقع يدعوننا الى بيان بعض الملاحظات النقدية بغرض التصحيح والتقويم...مع خوفي أنا شخصيا من تداعيات ظاهرة عدم عيش كل الأوساط السياسية وخاصة في المستوى القيادي لحالة قبول النقد الأيجابي البنّاء وتطيّرها منه والميل الى المدّاحين أكثر من الناقدين والناصحين...وهو أمر ان صحّ يتناقض (خاصة عند الأسلاميين)مع العشرات من النصوص الأسلامية الصحيحة التي تدعو الى محاسبة الذات ومحاسبة الآخرين وأن نحب من يهدي لنا عيوبنا وتدعو الى الأمربالمعروف والنهي عن المنكر...الخ.على أية حال تحقيقا لأيجابيات النقد البنّاء وتحاشيا لسلبيات عدم جاهزية الحالة السائدة في الحركة الوطنية العراقية وبالأخص من هم موضع حديثناأي الأسلاميين، لقبول النقد،خاصة أذا كان في العمق،سوف نلجأ الى أسلوب التحدث بملاحظات عامةومبتعدين عن التفاصيل التي قدلاتوجد ضرورة

لطرحها في نطاق واسع ، واللبيب من الأشارة يفهم .وأهم الملاحظات مايلي :

أولاـ عند دراسة أطروحة المجلس الأعلى،تتّضح وبسرعة ظاهرة التأثّر الكبيربالأجواء والقيم التي سادت ليس في العراق فقط ،بل في الكثير من مناطق العالم الأسلامي

جرّاء أنتصار الثورة الشعبية في أيران بقيادة علماء الدين..،يمكن ملاحظة مصطلح

الثورة الأسلامية سواءفي العنوان أوفي الأدبيات، ويمكن ملاحظة الثقل الكبير الذي كان يشكّله الفقهاء وعلماء الدين العراقيين في النخبة المؤسّسة للمجلس(أثناعشر من مجموع ستة أوسبعة عشرمؤسّسا) ويمكن ملاحظة الكثيرمن الأفكاروالمنطلقات والمصطلحات والأهداف في البيان السياسي والأوراق التأسيسية الأخرى، والتي تكشف عن درجة التأثّربالتجربة الثورية الأسلامية في أيران،ولاعجب فقد كانت حدثا تاريخيامتميّزا لم يحصل مثله ربما منذ الثورة الفرنسية أوالثورة البلشفية، وبالنسبة للحركة الأسلامية العراقية والشعب العراقي المسلم فقدكان التأثيروالتأثّرأكثرمن بلد آخر، للمشتركات الكثيرة وللموقع الديني الكبيرلقائد الثورة لدى الشعب العراقي وللقرب الجغرافي وتشابه الكثير من ظروف الأضطهاد للشعب وللحركة الوطنية وللمرجعية الدينية ولعلماء الدين والقوى الأسلامية،فضلا عن تبادل أدوارالتأثير الديني و السياسي لفقهاء بين البلدين، فثورة التنباك التي تفجّرت في أيران أنطلقت فتواها من فقيه يعيش في العراق/سامراء...علما بأن أفكارا من قبيل ولاية الفقيه وتقليد الفقهاء والفقيه المبسوط اليد والمرجعية الدينية والقيم الثورية الحسينية والقيادة الأسلامية وولاية الأمر لاتقف عند الحدود الجغرافية للدول الأسلامية (بحسب الثقافة والعقائد الأسلامية والفرق بين المذاهب هو في المصطلح المستخدم)...

ولكن لايمكن التعامل بتبسيط مخل مع هذا الموضوع في ظل الظروف المحلية والأقليمية والدولية القائمة،وفي ظل عدم أستخلاص قوانين التعامل مع الحدث التاريخي الضخم لعدم أكتمال دورته الأجتماعية والسياسية والتي ربما تستغرق حوالي ربع قرن..وأيضا في ظل معرفتنا بالتعقيد الكبيرفي الواقع العراقي، نقول لايمكن التعامل بتلقائية مباشرة ومبسّطة مع الحدث الكبيرومع منطلقاته الفكرية والسياسية بالرغم من أيماننا بصحّتها..نحن ندرك بالطبع ضيق الخيارات المتاحة للقوى الوطنية العراقية بعد أنتصار الثورة الشعبية الأسلامية في الجارة أيران، وتقل تلك الخيارات بدرجةأكبربالنسبة للقيادات والقوى الأسلامية العراقية،لأن الأنتصار في البلدالمجاور تم على يد قيادة أسلامية..وبالتالي سوف تدفع الساحة العراقية المجاورة كل فاتورة الفشل الذي منيت به الدوائرالسياسية الدولية والأقليمية المتضررة،الفشل المتمثـّل بعجزها عن منع أنتصار الثورة الشعبية الأيرانية، وبالفعل تم أتّخاذ قرارات التنفيذ الفوري لسياسات الأبادة بحق القوى الوطنية عامة والقيادة والكوادر والقواعد الشعبية الأسلامية في العراق...كل ذلك أدّى الى قيام القيادات الأسلامية العراقية بتسريع خطواتها لعبورمراحل العمل وصولا الى المرحلة النهائية المتمثّلة بأعلان الثورة الشاملة لأن النظام البعثي المجرم يواصل ليل نهارتنفيذ مجازره الوحشية(تحدث لنا في أحد الأيام السيد محمد باقر الحكيم عن معلومة أخبره بها مدير سجن أبوغريب / عندما كان سجينا هناك أواخر السبعينات، وكان مدير السجن مسجونا أيضا معهم لأختلاسه بعض أموال السجن / قال له بأن النظام أستورد أجهزة أعدام متطورة تقوم بأعدام ثلاثة عشر سجينا سوية في الدقيقة الواحدة / أي أكثر من نصف مليون في الشهر الواحد / للجهاز الواحد، وأخبره بأن تلك الأجهزة ومنذ ثلاثة أشهر مستمرّة بالعمل و بدون توقّف ليل ونهار... بالمناسبة يقول البعض أن عدد سكان العراق يجب أن يكون الآن بحدود42 الى45 مليون بحسب معدلات النمو السكاني في الدول المجاورة له، أي أن الرقم الحالي أقل بعشرة ملايين على الأقل،فأذا أنقصنا حوالي مليون قتلى الحروب الثلاث وحوالي مليونين أوثلاث لاجيء في الخارج تبقى ستة ملايين عراقي يجب معرفة مصيرهم)...

مع أدراكنا لكل ذلك ،الاّ أننا نعتقد بأن ماكان يحتاجه العراق في أواخر سبعينات أو أوائل ثمانينات القرن الماضي هو (مجلس وطني للأنقاذ) يضم كل المعارضين للنظام الصدّامي (بما فيهم القواعد الحزبية والمناطقية والعشائرية للنظام الحاكم والمتضرّرة من سيطرة كتلة المجرم صدام) بأختلاف أنتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية والسياسية على أن يكون الأسلاميون قلبه النابض لسعة قاعدتهم الشعبية ولتصدّي القيادة الأسلامية الرشيدة ،وكان يمكن أن تنبثق الى جانب مجلس الأنقاذ هيئة للتنسيق بين القوى الأسلامية العراقية لضمان وحدة رؤاها ومواقفها ورص صفوفها، ولم يكن نحتاج حينها الى تبنّي نفس مفردات ومصطلحات الثورة الأسلامية الأيرانية ولاذاك العدد الكبير من الفقهاء في الحقبة التأسيسية، وذلك ما ألتفت اليه قيادة المجلس خاصة بعدأن وضعت الحرب العراقية الأيرانية أوزارها وبعد غزو النظام البعثي لدولة الكويت..حيث بدأت تتّضح وبدرجة أكبر مسؤولية المجلس الأعلى تجاه مختلف مكوّنات الشعب العراقي ومسؤوليته تجاه الدول المجاورة وتجاه المجتمع الدولي ،خاصة بعد أن بدأت الكثير من الدوائر بدراسة القوى الفاعلة والمتوازنة في الساحة العراقية...

أن تعامل البعض وفق منهج التبسيط (ووفق المنطلقات العقائدية البحتة فقط) مع مفردات الثورة والدولة الأسلامية في أيران أدّى الى تداعيات خطيرة لاتزال بعض آثارها ممتدّة الى يومنا الراهن، و للأسف فأن حماسة البعض في حينها لذلك المنهج كانت تزداد عندما تصب النتائج في مصلحته..ومن أبرز تلك التداعيات الخطيرة هوضيق أوأنعدام الفواصل بين ماهو قراروطني عراقي مستقل وبين ماهو مشترك بيننا وبين الحلفاء والأشقّاء، وفي تقديري الشخصي وربما أكون مخطئا ،أن واحدة من أهم أسباب ذلك الموقف السلبي الشامل من قبل كل الدوائر الأقليمية والدولية تجاه أنتفاضة شعبنا (آذار 1991م) وأعطاء الضوء الأخضر (أوأغماض العين ) لتنفيذ المجازر الوحشية بحقّه، هوذلك الموقف المبسّط تجاه بعض مفردات التجربة الأيرانية والتي فهمها البعض(وربما مغرضا) تبعية كاملة للقرار الأيراني...!؟ الغريب أن ليس كل القوى الفاعلة في البلد الجاركان يعاملنا بنفس منطلقاتنا في التعامل معهم أي وفق المباديء، مثلا رئيس الجمهورية الأسلامية الأيرانية (الشيخ رفسنجاني) فضّل آنذاك (عام 1991م) أن يديرظهره لكل المواقف المبدئية السابقة للأمام الخميني رضوان الله عليه (الذي توفي عام 1989م) تجاه الشعب العراقي وتجاه حقوقه وشهدائه ومستقبله بل ويدير ظهره حتى لدستور الجمهورية الأسلامية الذي ينص على دعم الشعوب المستضعفة فما بالك بالشعب العراقي، وتخلّى الشيخ الرئيس عن الدعم الحقيقي لأنتفاضة العراقيين وأغمض عينيه عن حمامات الدم في البلد الجار الذي قدّم مالم يقدّمه أي شعب عربي مسلم للثورة والدولة الأسلامية في أيران (أذكّر القرّاء الكرام بنص واحد فقط تحدث به نفس الشيخ في خطبة صلاة الجمعة في عام 1988م وكنت حاضرا فيها وسمعتها بنفسي، قال (أن المجاهدين العراقيين كسروا ظهر العدو في معركة المرصاد..) وكان يتحدث عن آخر معركة عسكرية خاضتها الجمهورية الأسلامية بعد توقف الحرب في آب 1988م، حيث قرأ نظام صدام موافقة أيران على وقف أطلاق النار على أنه علامة ضعف ، فأعدّ جيشا مزودا بالدبابات والطائرات السمتية من أعضاء منظمة مجاهدي الشعب المستقرة في العراق وأدخلهم الحدود لأحتلال مناطق من أيران تمهيدا لدعمهم لأسقاط النظام ومدعوما بالطبع من القوى الغربية، ونظرا لكون قوات المنافقين كانت مموّهة بملابس القوات الأيرانية والحرس الثوري فقد أنسحبت القوات الأيرانيةو تصدّت لها قوات المجاهدين العراقيين المستقرة على الحدود ودمّرت القوات الغازية وأفشلت خطط النظام البعثي)...

ولكن بعد أحداث غزو الكويت وأندلاع الأنتفاضة الشعبية في العراق، فضّل رفسنجاني أن يدخل في صفقة سرّية مع دوائر خليجية وغربية و يحصل في مقابل ذلك الموقف الغريب بضعة مكاسب سياسية ومادية لأيران...وهو الموقف الذي أستهجنته حتى بعض القوى الثورية الأيرانية الموجودة في صلب النظام كالحرس الثوري والدوائر القريبة من المرشد..!! ويدل ذلك الموقف ليس فقط على خروج فاضح على نهج الأمام الداعم للشعوب المظلومة ولنهضاتها، بل و يدل على سذاجة وقصر نظر سياسية، لأنه كان بأمكان الحكومة الأيرانية أستخدام أستمرار الأنتفاضة وبقاء محافظات عراقية خاصة في الجنوب بيد الثوار المنتفضين كورقة ضغط قوية للحصول على مكاسب ضخمة.. وبالطبع لم يكن ينقص الثوار سوى الغطاء الجوي لحماية المناطق المحرّرة (كما فعل الناتو بالضبط في الأنتفاضة الليبية) والدعم اللوجستي لسكان المناطق المحرّرة والثوار...ولاحاجة لأي دعم بشري لأن الشعب العراقي بأجمعه كان ثائرا ..

بالطبع كل ماذكرناه في هذه النقطة يجب أن لايؤثّر على درجة قناعتنا بحقيقة سياسية واضحة(ليست فقط للمجلس الأعلى بل واضحة أيضا للقوى الوطنية العراقية)هي: تبقى الجمهورية الأسلامية الأيرانية جارا مهمّاو متميّزا بحكم المشتركات الكثيرة وظهيرا ثابتا وقويا للشعب العراقي وللحكومات الوطنية في العراق، ومن أكبر الأخطاء السياسية تأزيم العلاقات معها أو الدخول في صراع معها...مع المحافظة على مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية والتعامل المتكافيء معها ومنع التداخل بين ماهو شأن وطني داخلي وبين ما يمكن أن يكون شأنا مشتركا يمكن التفاهم بشأنه .ثانياـ واحدة من أعقد الأمتحانات التي يواجهها المناضلون في طريق مواجهة الظلم و الظلمة ونصرة الحق والعدل والمظلومين، هودرجة أمتلاك القدرة على التمييزبين ماهومصلحة عامة وبين ماهومصلحة شخصية..والتمييز بين ماهو حق وبين ما هوهوى وباطل والتمييزبين ما ا هوعمل في سبيل الله وثواب الآخرة وبين عمل للدنيا والسلطة وأمتيازاتها وأصعب من ذلك الأمتحان هو القدرة على ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة واختيار الحـق ونبذ الباطل وجعل العمل والنضال خالصا لوجه الله أي أنتصارا لقيم الحق والعدل و نصرة للفقراء والمحرومين المظلومين وتعاليا على ملذّات الدنيا وأمتيازاتها..بالطبع يزداد تعقيد وصعوبة الأمتحانات للأفراد الذين بلغوا مراحل متقدّمة من الأيمان والجهاد والتقوى..وخاصة أولئك الذين يعملون لتبوّأ موقع القيادة (قيادة تنظيم أوجماعة أوتيارأوحكومة أومعارضة ..الخ) أوليكونوا أصحاب راية فكرية أوسياسية أو أجتماعية أودينية ...حتى وان لم يصرّحوا بذلك، فلا يتوقع عاقل أن يمتحن الباري تعالى هؤلاء بشرب الخمر أو الزنا أوأكل لحم الخنزير والعياذ بالله ، لأن عدم القيام بهذه المنكرات أصبحت لديهم بمثابة الملكة(بفتح اللام والكاف) وأصبحوا في هذا المجال أقرب للعصمة،ولكن يتم أمتحانهم في مواضيع أصعب بكثير...ومن أمثلة تلك المواضيع الصعبة، مجالا نستطيع أن نطلق عليه:( التمييز بين محورية الله ومحورية الذات )...التاريخ البعيد والقريب يحدّثنا عن رموزكان الناس يثقون كثيرا بتديّنهم وعبادتهم وجهادهم وهمّتهم العالية في العمل والتحرك وبعلمهم الواسع والعميق...ولكن كانت هناك ظواهر غريبة في حياة أولئك المتديّنين المجاهدين والعاملين ، من قبيل أعتبار أنفسهم العنوان الصحيح و الوحيد لمن يريد العمل من أجل الدين أو الوطن، وحسّاسيتهم وسلبيتهم الشديدة تجاه العاملين تحت راية غير رايتهم ، لايكفي عندهم أن يعمل أحدنا للأسلام وللوطن وضد الظلم ولايكفي أن يكون عملنا داخل نفس الأطار الذي يعملون فيه وأن لاتوجد لدينا أية أرتباطات أخرى ..لايكفي كل ذلك أذا كنا لاندعو الى قيادتهم ومحوريتهم ، وظاهرة أخرى ملحوظة هي حرص بعض أولئك على مسك كل عناصر القوة المادية والمعنوية بيدهم وضمن صلاحياتهم وعدم تمكين أيا من أخوانهم العاملين معهم من المؤمنين المجاهدين والمتقين والمخلصين،من أمتلاك أيا منها وأذا أرغمتهم الظروف على التنازل لهم ببعض عناصر القوة تلك..فلابد أن تكون الكلمة العليا والنهائية لهم....نحن ندرك بالطبع قوانين العمل الأجتماعي والسياسي وشروط القيادة اللازمة لأدارة أية مسيرة، و لكن كل ذلك يبقى ضمن حدود توفير شروط تحسين وتطوير العمل ، ويبقى الأيثار والزهد والتنازل والتذلّل لأخوتنا المؤمنين والتواضع سيد الخلق(بضم الخاء واللام)،وكما قيل (من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره)...

يذكّرني هذا الأمربمقابلة تمت ترجمتها لي من اللغة الفارسية في ثمانينات القرن الماضي ،بين الشيخ المنتظري وكان يشغل في حينها موقع نائب قائد الثورة السيد الخميني رضوان الله عليه وبين قيادة الحزب الجمهوري الأسلامي الحاكم آنذاك، كان المنتظري يتحدّث لهم عن الفرق بين محورية الذات في العمل أو محورية الله..قال لقيادة الحزب أذا كنتم تبحثون على سبيل المثال عن مسؤول مناسب للأذاعة والتلفزيون ووجدتم شخصا متديّنا ومخلصا وكفوءا ومن الثوريين الذين شاركوا في الثورة ضد الحكم الشاهنشاهي ومن السائرين على خط الأمام الخميني...ولكنه لايقبل الأنتماء الى حزبكم ولا العمل تحت رايته..فأذا وافقتم على تعيينه في ذلك الموقع الشاغر فهذا يعني أن أساس عملكم هو(محورية الله)، أما أذا رفضتم تعيينه و أشترطتم عليه الأنتماء الى حزبكم والدعوة الى رايتكم فهذا يعني أن أساس عملكم(محورية الذات) وهو أساس خاطيء ..وأذكر أيضا فقرة في حديث الأمام السيد الخميني(رض)لأعضاء المجلس الأعلى عندما زرناه في بيته بمعية السيدمحمد باقر الحكيم وباقي الأعضاء(على ما أتذكّر عام1983م)،الفقرة هي:{لوأن عشرات الآلاف من الرسل الذين بعثهم الله الى البشر أجتمعوا في غرفة أوفي بناية واحدة،لما أختلفوا فيما بينهم أبدا لأنهم يعملون لأجل هدف واحد هورضوان الله، فأذا وجد المؤمنين خلافات كبيرة بينهم فليعلموا بوجود خلل ..}...وأفهم أناهذه الفقرة،أنه اذاشاهدنا المؤمنين مختلفين ومتصارعين فيمابينهم كما يحصل هذه الأيام، فهذا يعني ان كلّهم أوبعضهم يعملون لأكثر من هدف وليس لهدف واحد هورضوان الله.أنا كنت أعرف متصدّين كانوا يعتبرون أن لاقيمة ولاأهمية لصحيفة أومقالة أوأحتفال أومشروع أوتحرك أوأي حدث اذا لاترفع فيه صورهم أوتذكر أسماءهم أولايتم الأشادة بهم أو لايتم الدعوة لهم ولرايتهم...!!

الشهيد السيد محمد باقر الصدررضوان الله عليه كان فقيها مجدّدا ذومستقبل عظيم وكان مفكّرا وفيلسوفا وشخصية تمتلك كل مقومات الزعامة المرجعية والدينية والعلمية والأجتماعية وحتى السياسية والحركية،وأكثر من ذلك عرضت عليه السلطة وضع كل الأمكانات تحت تصرّفه في مقابل تغيير بعض مواقفه السياسية، الاّ أنه عندما وجد فقيها آخرحقّق في الواقع ماكان يسعى هو الى تحقيقه أدار ظهره لكل طموحاته المشروعة وكل مستقبله وأرسل رسالة يبايع فيهــا زعامة ذلك الفقيه وأبدى أستعداده (وهوصادق) في أن يكون وكيلا متواضعا له في أي مكان.. وكان يعلم ان ثمن ذالك الموقف ليس خسارة مستقبله المرجعي والأجتماعي والسياسي والمعنوي والمادي فقط، وأنما سيخسر حياته وهوما حصل فعلا ، حيث أعدمه النظام البعثي ولمّا يتجاوز الخامسة والأربعين من عمره الشريف...وهذا يعني أن أساس عمله وحياته كان محورية الله وليس محورية الذات...أن الكثير من مشكلات الساحة الوطنية العراقية وبضمنها الساحة الأسلامية العراقية ،تعود في جذورها الى تضخّم محورية الذات لدى بعض المتصدّين. ثالثا ـ العمل الحزبي أو العمل الحركي أو العمل الجماعي أو العمل المؤسّساتي...الخ، سمّه ماشئت ،ولكن نعني به العمل الذي يتعاقد فيه مجموعة من العاملين أن يعملواكجماعة وفق نظام داخلي ووفق قواعد متفق عليها ووفق قيم أخلاقية وعرفية مشتركة (من قبيل الصدق والوفاء وأداء الأمانة وتجنّب الخيانة والغش ورعاية حقوق الجميع دون تمييز ...الخ)،أستمرار مثل هذا العمل ونجاحه،يحتاج الى الألتزام بكل تلك الأنظمة والقواعد والقيم الأخلاقية..ومصيره الفشل أذا بقت أشكال وظواهرالعمل الجماعي المنظّم و غابت عنه روحه المتمثّلة بجدّية وصدق الألتزام واذا كان الدافع المادي هو الباعث على المحافظة على الأرتباط والمشاركة في النشاطات ..ومقتله عندما يكتشف العاملون وجود مواقع و مستويات ومراتب تختص بالأسرار والأمتيازات الكبرى وبالصلاحيات الحقيقية و

التصرّف بالميزانية ..مواقع تعطي لنفسها حقوقا لاتعطيها للآخرين وتلزم الآخرين بواجبات لاتلتزم هي بها... تتعامل وفق مبدأ(مصون غير مسؤول ) تعتبرنفسها سببا للمكاسب والمنجزات وترمي الفشل والأخطاء والنكسات على عاتق الظروف أو الآخرين...في تقديري ليس فقط المجلس الأعلى ، بل وأغلب ان لم نقل كل التنظيمات الأسلامية وغيرالأسلامية العراقية بحاجة الى أمتلاك العديد من المنطلقات والممارسات وأجراء العديد من التغييرات لكي تصل الى مستوى التنظيمات المستقرة والراشدة القادرة على لعب دور حقيقي في احداث تغييرات جذرية في الواقع السيء القائم سواء على مستوى الأمة أو على مستوى نظام الحكم، ويجب أن تزداد سعة وعمق تلك المنطلقات والممارسات والتغييرات أذا كانت تلك التنظيمات تزعم تمثيلها لشرائح شعبية واسعة ومحرومة واذا كانت ترفع عناوين وشعارات وأهداف تستند على عقائد دينية مقدّسة.. بالطبع يتمكن الكثير من السياسيين من خلال توظيف أمكانات أعلامية هائلة تحت تصرّفهم، من أعطاء صور مشرقة عنهم وعن كياناتهم ومسيرتهم وعن مشاريعهم..ولكن الواقع وكما يراه المواطنين البسطاء هوغير ذلك..ومحصّلة كل تلك الكيانات والمشاريع لم تحل مشكلة حقيقية لهم .

رابعاـ في هذه النقطة الختامية أرجوأن تتّسع صدور أخوتنا وأخواتنا في المجلس (وسعة الصدر آلة الرئاسة) لقراءة بعض الملاحظات الصريحة المباشرة،والله من وراء القصد :

  1. على المجلس الأعلى أن يكون أكثر شفافية في أعلام أعضائه وأنصاره ومحبّيه بالآليات المعتمدة في ترشيح الأشخاص للوزارات والمواقع العليا ولعضوية مجلس النواب وعضوية مجالس المحافظات والدرجات الخاصة في الدولة،وكم هي مطابقة للمعاييرالصحيحة والمعتمدة.وعليه تعريف المزيد من رجاله ونسائه وتقديمهم للمناصب الحكومية العليا ،والشروط متوفّرة في الكثير منهم،والحذر من الوقوع في المرض الذي يصيب الأنظمة الدكتاتورية وهوأحتكار قلّة من الأفراد للمناصب العليا..وكأن المجلس الذي قارب عمره على الثلاثين لم ينجب رجالا كفوئين ونزيهين مثلهم ،وليبتعد عن المجاملة وعن منهج تبادل المصالح أو منهج الضغوط.
  2. على قادة المجلس ورموزه وكوادره البارزة تحاشي السكن في مساكن الحكام السابقين، وفي القصور المترفة والأقتراب بمساكنهم ولونسبيا من بيوت المواطنين الفقراء الطيبين .
  3. على قيادة المجلس تشكيل لجان نزيهة ومؤهّلة ومحايدة للتحقيق الفوري في تقارير غير موثّقة ولكنها تدعو للأهتمام ،تتّهم بعض مسؤولي المجلس وموظّفيه بأستغلال مواقعهم في المجلس أوفي الدولة، وأدّى ذلك الى السيطرة على عقارات بعض المواطنين(بعضها بمبررات أمنية) وأدّت أيضا الى جمع ثروات لاتتناسب ومداخيلهم السابقة وأتّخاذ أقسى العقوبات والتبرّؤ منهم علنا في حالة ثبوتها، حتى لوكانوا من المعروفين.
  4. على أجهزة أعلام المجلس التخفيف من سياسة تمجيد الأشخاص وأختصار مسيرة كيان ضخم مثل المجلس الأعلى بشخصية واحدة أوأثنتين أوثلاث مهما كانت قدراتها وتضحياتها.. فلهذه السياسة في أغلب الأحيان مردودات عكسية وضارّة..ويبقى عمل المرء محفوظا عند من لاتخفى عليه خافية وعند العاملين المنصفين..ومن تواضع لله رفعه ومن أصلح مابينه و بين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس...
  5. على المجلس الأعلى رعاية الرعيل الأول من العاملين في أجهزته وفعالياته ، ورعاية عوائلهم حتى أذا لم يكونوا من العاملين حاليا في صفوفه ،والأهتمام بدرجة أكبر بعوائل الشهداء منهم والمعوّقين والعاجزين عن العمل حاليا.
  6. على المجلس الأعلى رعاية المؤهّلات العلمية(التي لها مكانة كبيرة في المجتمع العراقي) عند ترشيح أعضائه لمناصب الحكومة في المركز وفي المحافظات، لايجوزأن يرشح البعض لمنصب وزير أو محافظ وهولايحمل سوى مؤهّل الأعدادية و لمجرد كونه ذو تاريخ جهادي نعم التاريخ الجهادي مطلوب في المرشّحين ولكن مع صفات أخرى هي المؤهّل العلمي والكفاءة و النزاهة...ويجب عدم الخضوع للأبتزاز والضغوط... وقد كانت التجربة في بعض المحافظات مؤلمة، وحتى مجلس النواب الذي لايشترط في المرشح لعضويته حصوله على مؤهّل أكبر من شهادة الثانوية، الاّ أن هذا لايعني التساهل في المستوى الثقافي والعقائدي والخبرة وفي القابليات التنظيمية والأجتماعية وحسن السلوك للمرشح والأنضباط بسياسات المجلس الأعلى وبمواقفه ورؤيته .
  7. على الرموز العلمائية ليس فقط في المجلس الأعلى بل وفي عموم الساحة الأسلامية العراقية، تحاشي الأكثار من الزيارات لملوك وحكام أشتهروا بالفساد وبظلم شعوبهم وبتبعيتهم المهينة لأعداء الأمة، وترك مثل هذه الفعاليات ان كانت لها ضرورة كبيرة للسياسيين من أبناء المجلس الأعلى لأن لعلماء الدين مكانة كبيرة بين أبناء الأمة ومثل هذه الزيارات تسيء الى مكانتهم،علما بأن بعض الدعوات التي يوجّهها أولئك الحكام والأمراء هي لخداع شرائح معينة من شعوبهم أو لأرسال رسائل مضادة للمواقف الرسمية للحكومة العراقية في ظرف معين،أن خير مرشد لدور علماء الدين في الواقع السياسي، هو ماكان يوصي به الأمام الراحل السيدالخميني (رض) علماء الدين في أيران بضرورة الأبتعاد عن المواقع التنفيذية وأن تتركّز جهودهم على التوجيه الأسلامي لأبناء الشعب وبلورة الرؤىوالمواقف الأسلامية لهم وكذلك أن يكونوا من أشد المدافعين عن مصالح الشعب والمطالبة بحقوقه وبحل مشكلاته وأزماته، وأزعم أن هذا هو نفس موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف.
  8. على قيادة المجلس الأعلى أن تكون أكثر شفافية في الجانب المالي،على الأقل مع الشورى الموسّعة التي تعتبر القاعدة القيادية العريضة للمجلس الأعلى فضلا عن الشورى المركزية ،بمعنى القيام ومرة واحدة في السنة على الأقل بكشف سجلاّتها الحسابية التي يجب أن يعدّها المحاسبين المختصين ومكتب المفتش العام في المجلس الأعلى،والتي توضّح الموارد المالية والمبالغ المصروفة وأبواب الصرف ومدى أنطباق المصروفات مع القواعد واللوائح و السياسات المقرّرة داخل المجلس..والحذر من طرح مبدأ سرّية المعلومات كمبرر للأمتناع عن مثل هذه الممارسات ،فلاخير في حركة لاتثق بقيادييها وبقاعدتها ..وأكثر الأنحرافات تقع عادة في الأعمال المحاطة بالسرية.أن مايعطي مصداقية لمطالبة البعض من الحكومة العراقية بأن تقدم كشف حساباتها السنوية لمجلس النواب ،هوألتزامه بهذا النهج داخل تنظيماته وأطرعمله.
  9. الأعتراف بالخطأ فضيلة وهذا مايجب على المجلس القيام به وبشكل دوري، لقدأثبتت الأحداث خطأ بعض السياسات والممارسات التي دعا اليها البعض وسببت خسائر ومشكلات ، من قبيل:( أفتراض بقاء المحافظات التي كانت مواقعها الرئيسية بيد المجلس وحلفائه،بقائها في الأنتخابات اللاحقة أيضا بيد المجلس وهي الفرضية التي أدّت الى التشدّد في عروض الآخرين للتحالف معهم، ولم يتم التحالف خاصة وأن البعض بدأ بالترويج كثيرا لفكرة/أن على المجلس الأعلى أن يعرف قوته بالضبط منفردا لكي يرسم تحالفاته بشروطه/،هذا البعض نسي أنه في حالة لم تكن النتائج كما يتوقع فسوف يكشف عن نقطة ضعف خطيرة للمنافسين ، وهوما حصل بالضبط فعندما لم يقبل المجلس عروض الآخرين قبل أنتخابات مجالس المحافظات وأوضحت النتائج عدم حصول المجلس وحلفائه على الأرقام المتوقّعة...بعدها تشدّد الآخرون في شروطهم مع المجلس في أنتخابات مجلس النواب/وهوخطأ آخركبيرأرتكبته لائحة دولة القانون/ وحصل الأنشقاق الخطير داخل الأئتلاف الوطني السابق الذي فاز بأغلبية واضحة في عمليتين أنتخابيتين ـ قائمة169 وقائمة555ولكنه فشل في تحقيق نفس الأغلبية لاحقا لأنقسامه/ وعملت سفارات ودوائر أجنبية على تأجيجه وتوالت التداعيات السلبية الى يومنا هذا)ومن الأخطاء أيضا(الأصرار ثلاث مرات على تقديم نفس المرشح لرئاسة الوزراء مع وضوح وجود عقبات كؤودة تحول دون نجاحه مع كامل تقديرنا لمؤهّلاته، والخطأ في قراءة موقف العامل الأقليمي و الدولي في هذا الخصوص فضلا عن قراءة العامل الوطني الذي لاتهمّه كثيرا العلاقات الشخصية والتاريخية بل تهمّه مصالحه والقوى التي تتمكّن من تأمين تلك المصالح،ولازال ذلك الأصرارغير مفهوما لدينا)ومن الأخطاء (عدم الأخذ بنصائح ذوي الخبرة في مجال أدارة الأنتخابات الأخيرة لمجلس النواب ،مما أدّى الى الحصول على أصوات أكثر ولكن ضياع مقاعد كثيرة في مجلس النواب، وساعد على هذا الخطأ عدم تحديد المجلس الأعلى وحلفائه لقاعدته الأنتخابية وربما عدم قدرته على ضبط مواقفهم في يوم الأنتخابات و في توجيههم لتقسيم أصواتهم على شريحة واسعة من المرشحين كما فعلت احدى الجهات الأسلامية وحصدت أربعين مقعدا في مجلس النواب، ومن الأخطاء(الزهد غير المبرر في حق المجلس الأعلى في موقع نائب رئيس الجمهورية، أوعلى الأقل اذا كانت هناك حسابات مبكّرة فكان بأمكان المجلس الأعلى أن يحصل على وزارتين مهمتين يخدم من خلالهما الوطن والمواطنين).وليست المرحلة مناسبة لتسجيل مواقف أعلامية...
  10. على المجلس الأعلى أن يقترب أكثر من الخطاب الوطني الذي تنتظره الجماهير منه بخصوص الموقف من قوات وقواعد وأجهزة الأحتلال ، وعليه أن يعرف أن ظروف مرحلة ما قبل سقوط النظام البعثي قد أنتهت، ظروف المرونة والواقعية وكسب الدوائر الخارجية الى صف مشروع أسقاط النظام البعثي، أضافة الى التجربة المرّة التي خاضها الشعب العراقي خلال الثمان سنوات الماضية ، لقد كانت قيادة السيد محمد باقر الحكيم (رض) أكثر وضوحا وأكثر قاطعية (خاصة بعد عودتها الى الوطن) في رفض الأحتلال ورفض تدخّلاته ورفض بقاء قواته وقواعده وأجهزته ورفض مشاريعه السياسية والأمنية ،ونحن نعتقد بأنه دفع حياته الشريفة ثمنا لتلك المواقف المعلنة على الرأي العام العراقي وكلّها موثّقة بالقلم أو بالصوت والصورة .

وأخيرا وليس آخرا لابد من القول بأن أمام المجلس الأسلامي الأعلى فرص حقيقية جيدة للعمل والتغيير والبناء في الأمة وفي الدولة... بقيادته الشابة التي ورثت عن أسلافها الرمزية والوجاهة الأجتماعية والعلاقات التاريخية الطيبة مع المكوّنات والقوى الأخرى وتراكم الخبرات والتجارب ،أضافة الى قدراتها الذاتية المتميّزة سواء في المجال العلمي أو السياسي أوالتنظيمي أو الأجتماعي ،كما شهدنا ذالك في السنوات القليلة الماضية....

وأيضا بنخبة رجاله المخضرمين من أصحاب التاريخ الجهادي والتجربة السياسية وأصحاب الرؤى الناضجة والعميقة والعلاقات الطيبة مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية...

وأيضا بقاعدته الشعبية العريضة والمتنوّعة والتي أثبتت حضورها في العديد من المناسبات وآخرها في ذكرى التأسيس وقبلها في الأنتخابات ، حيث تم تشخيص المجلس الأعلى كواحدة من أنشط القوى وأكثرها تنظيما وأوسعها بالأتصال بالشرائح الشعبية المتنوعة في أنتخابات مجلس النواب الأخيرة بالرغم من تعرّضها لحملة معادية منظّمة أشتركت بها وسائل أعلامية مرتبطة بدوائر أقليمية ودولية، مرة ثانية نبارك لكل أعضاء المجلس الأسلامي وأنصاره ومحبّيه وكل قواعده الشعبية في داخل الوطن وخارجه ...وخاصة الشرائح المظلومة والفقيرة من أبناء شعبنا الصابر ذكرى التأسيس .