banner
مقتبسات حول ملف العفو

حول العفو

( مقتبسات مما قرأناه ضمن دراستنا الأكاديمية عن تقييم المصالحة الوطنية في العراق )

نبدأ بتعريف مصطلح المصالحة الوطنية :

تعني المصالحة الوطنية، في أبسط معانيها، "عملية للتوافق الوطني على أساسها تنشأ علاقة بين الأطراف السياسية والمجتمعية قائمة على قيم التسامح وإزالة آثار صراعات الماضي، من خلال آليات محددة، ووفق مجموعة من الإجراءات".

المصالحة تعني إن أطراف النزاع في البلد تستشعر أهمية الإتجاه في تسيير التناقضات بينها نحو إعمال منهجية مسالمة بدل منهجية المواجهة العنيفة . المصالحة في هذا السياق هي توافق وطني يستهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة أو المتحاربة . المصالحة هي السعي المشترك نحو إلغاء عوائق الماضي واستمراريتها السياسية والتشريعية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تصحيح ما ترتب عنها من غبن و مآسي و أخطاء و انتهاكات و جرائم جسيمة ، و القطع نهائيا من قبل الجميع مع الحلول العنيفة في معالجة الملفات و القضايا المختلف حولها .

و تعني إنجاز توافق وطني بين مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع حول خطة شمولية و متكاملة ، محددة و دقيقة ، تستر شد بالمبادئ الأساسية المستخلصة من تجارب فض النزاعات بالطرق الهادئة وتخضع لمضمون القانون الدولي وإجراءاته الملزمة والآمرة للدولة و حكوماتها المتعاقبةإن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تؤتي ثمارها، بدون تلازمها مع العدالة الانتقالية؛ حيث إن تطبيق ثقافة المساءلة بدلا من سياسة الأفلات من العقاب ’يعطي الأحساس بالأمان لقطاعات عريضة من ال مجتمع بشأن ملامح الدولة الجديدة، ويوجه تحذيرًا لمن يفكرون في ارتكاب مثل هذه التجاوزات في المستقبل، بما يجعل الأيدي الحاكمة مرتعشة في حالة الإقدام على اتخاذ قرار ما. على جانب آخر، تقتضي المصالحة من قوى المجتمع تجنب أسباب الانشقاق، والعمل بكل الوسائل من أجل الاندماج اجتماعيا وسياسيا، وليس من حق أي طرف القيام بالمحاسبة أو إعلان القطيعة مهما كان وزنه وموقعه باستثناء المؤسسة القضائية التي تحاسب الأفراد على جرائم قاموا بها وليس على مواقفهم واختياراتهم التي تبنوها.

في أغلب تجارب الأنظمة السياسية الجديدة التي تنبثق بعد ’حقب طويلة من الأنظمة الدكتاتورية أو بعد أنتهاء الحروب الأهلية أوالحروب العابرة للحدود , نسمع أصواتا تدعو للأنتقام من الحكام والمسؤولين السابقين وأعوانهم , ولكن في المقابل تبرز أصوات ’أخرى تدعو الى تحقيق العدالة : {العدالة ليس بغرض الانتقام ولكن في سبيل إحقاق الحق وتفعيل جهاز القضاء المستقل والنزيه باعتباره الوسيلة الأكثر حضارية والأكثر تعبيرا عن الرغبة في الانتقال إلى نظام ديمقراطي يسود فيه القانون وتتحقق فيه العدالة. كما أن اللجوء إلى القضاء وتمكين المتهمين من حقهم في الدفاع عن النفس مناسبة لا تقدر بثمن لتمكين الشعب من معرفة حقيقة ما حدث خلال مرحلة حكم هؤلاء الناس في سبيل تصحيح التاريخ وإنعاش الذاكرة الوطنية وتطهيرها من الأكاذيب وكل أشكال الأراجيف التي وظفت لاختطافه الذاكرة الجماعية للشعوب العربية. فالقضاء هو الجهاز الوحيد المخول في النظر في ما ارتكبته الأنظمة السابقة من جرائم ضد شعوبها ويجب أن يتم تحقيق العدالة، لكل الضحايا، لأنها رسالة قوية لكل من يصل السلطة ويستخف بالشعب في المستقبل. لكن كما قلنا تبقى المصالحة ضرورية، بعد إعمال آلية العدالة.

المصالحة لا تلغي العدالة ولكنها في نفس الوقت توقف الرغبة في الانتقام وتساعد على تجاوز منزلقات المراحل الانتقالية . يمكن للتجارب أن تكون نموذجا يحتدى به، في الدول التي سقطت فيها الديكتاتورية في الوطن العربي، رغم النقائص التي تشوبها لأن الكثير من الضحايا يرون أنها غير كافية، إما بسبب عدم تحقيق العدالة أو عدم كفاية العقوبات التي أصدرت في حق الذين ثبتت إدانتهم.

لجنة الحقيقة والمصالحة ( Truth and Reconciliation Commission TRC)

واحدة من الآليات التي ’عرفت بها تجربة المصالحة الوطنية في جنوب إفريقيا هي تشكيل لجان الحقيقة والمصالحة ,وكانت عبارة عن جلسات محاكمة ’يعطى فيها المجال لضحايا النظام العنصري السابق بعرض شهاداتهم التفصيلية عن الإنتهاكات التي تعرضوا لها خلال الحقبة العنصرية البائدة على يد منتسبي الأجهزة القمعية في النظام العنصري وكانت بعض الشهادات ’تذاع لعامة الناس , كما كانت تلك اللجان تسمح للمتهمين بإرتكاب تلك الجرائم ببيان شهاداتهم وطلب العفو وإستثنائهم من الملاحقة المدنية والجنائية, وكان بإمكان اللجنة منح عفو للمتهمين ما لم يرتكبو جنايات, وتقرراللجنة موعد منح الأهلية السياسية التي تتيح للمتهم مزاولة حقوقه السياسية، التي قد تكون مباشرة بعد المحاكمة أو بعد بضع سنين أو يـُحرم منها.

نقرأ عن تلك اللجان :

تفويض اللجنة كان للاستماع إلى، وتسجيل، شهادات وفي بعض الحالات منح عفو لمرتكبي جرائم متعلقة بانتهاك حقوق الإنسان، والتعويضات واعادة الأهلية ,بدأت تجربة العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا في سياق التحضير لنهاية نظام التمييز العنصري، وأخذت شكل محاكمات شعبية أطلق عليها لجان الحقيقة والمصالحة، عهد إليها بإماطة اللثام عن التجاوزات والجرائم وإنصاف الضحايا وصولًا إلى تسوية غير جزائية للملفات العالقة. الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو مبيكي، بدأ بعمليات عفو رئاسي خاصة، كوسيلة لمعالجة قصور لجنة التحقيق والمصالحة.

لكنّ معظم الجهود التي بُذلت لتحقيق المحاسبة عن الجرائم المرتكبة خلال حكم التمييز العنصري باءت بالفشل. أجاز قانون لجنة الحقيقة والمصالحة عرضًا مثيرًا للجدل "العفو من أجل الحقيقة" لمرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان الذين رغبوا بالإعتراف. وتمت عمليات العفو الرئاسية الخاصّة بالرئيس السابق ثابو مبيكي – التي اعتُبرت وسيلة لحلّ "العمل الناقص وغير المنجز للجنة الحقيقة والمصالحة" – بموجب محاكمات سرية بغياب الضحايا ومن دون أي تمثيل لهم. وتضمنت سياسة الملاحقة القضائية الخاصة بسلطة المتابعة القضائية الوطنية تعديلات من أجل "عفو عام غير نزيه"، مكّنت مرتكبي الجرائم في زمن التمييز العنصري، ممّن لم يتقدّموا بطلبات للحصول على عفو لجنة الحقيقة والمصالحة، الإفلات من العقاب.

أما البعض فقد كانت له رسالة أخرى للمولعين بتجربة المصالحة في جنوب افريقيا : { لا يملك شخص واحد قرار الصفح عن جرائم الماضي والتخلي عن مطلب القصاص. فلا يمكن أن يحدث هذا إلا بمشاورات مجتمعية واسعة لا بد أن يكون أهالي الضحايا والشهداء طرفا رئيسيا فيها، ويشمل هذا التعريف أهالي الضحايا والشهداء في الفترة التي سبقت الثورة أيضا من ضحايا تعذيب... كما أننا لا نملك ترف تجاهل تجارب الدول الأخرى التي أثبتت في أكثر من حالة أن العفو بمفهومه المتعسف — أي التحصين والإفلات من العقوبة — لن يحقق الاستقرار المنشود، بل على الأكثر لن يحقق إلا استقرارا هشا مؤقتا لن ينجح إلا في تأجيل اليوم الذي تنكأ فيه الجراح مجددا والذي قد يدفع المجتمع فيه ثمنا أكبر من الثمن الذي يحتاج إلى أن يدفعه الآن .. وهو ما يؤكد ضرورة إحالة التعامل مع جرائم الماضي والفترة الانتقالية إلي آليات انتقالية متخصصة— تختلف كثيرا عن المحاكمات السياسية التي يخشى الكثيرون منها. فاللجوء الى آليات العدالة الانتقالية —أي المؤقتة بطبعها— هو النموذج الذي طبق في الكثير من الدول الديمقراطية .

لا يتفق الكثيرون اليوم على أن عملية المصالحة نجحت أو اكتملت في جنوب افريقيا ومازال هناك الكثير من المطالبين بالعدالة التي يعتبرونها مفقودة، بالرغم من أنها تجربة بها شيء من الشفافية والمكاشفة. ومن الانتقادات الموجهة إليها أنها باشرت عملها بصورة انتقائية، وأنها سمحت بإفلات البعض من العقاب. فبسبب اطمئنان الكثير من أفراد الأجهزة الأمنية لضعف امكانية ورود أدلة تدينهم لم يشعر أغلبيتهم بالحاجة للتقدم بطلب للصفح. ومن الانتقادات أيضا أن لجنة المصالحة لم تؤسس لآلية تحقيق بجانب لجنة الحقيقة. والأهم هو أنها فشلت في المساءلة الجنائية بعد 2001 وهو ما أظهر عدم جدية حكومة المؤتمر الوطني في عصر الرئيس ثابو مبيكي في التعامل مع جرائم الماضي .

العفو المشروط :

للحصول على عفو يجب أن تكون الجلسة علنية. ويترتب إبلاغ الضحية أو أحد أقربائه بتاريخ الجلسة ومكانها ويحق له "الإدلاء بشهادته أو تقديم أدلة أو أي شيء يؤخذ بعين الاعتبار". وينبغي على مقدم الطلب "أن يكشف جميع الحقائق ذات الصلة كاملة" وأن يثبت بأن الفعل الذي يسعى إلى الحصول على عفو عنه "كان فعلاً مرتبطاً بهدف سياسي وارتُكب في سياق النـزاعات التي نشبت في الماضي".

كباقي تجارب مشاريع المصالحة الوطنية التي بادرت إليها حكومات مسؤولة عن جزء كبير من الإنتهاكات لحقوق الإنسان حاول المشروع الجزائري الموازنة بين توفير شروط وقف العمليات المسلحة وتلبية بعض مطاليب المعارضين وبين تمكين بعض الجنرالات ( المتهمين بإرتكاب إنتهاكات واسعة وإرتكاب جرائم وحشية بحق المعارضين وأنصارهم) ومن كان يعمل تحت إمرتهم من الإفلات من العقاب , فأقرّ إبطال الـمتابعات القضائية في حـق الأفراد الذيـن سلموا أنفسهم للسلطات وإبطال الـمتابـعات القضائـيـة في حـق جميـع الأفراد الذيـن يكفون عن نشاطهم الـمسلح ويسلـمــون ما لديـهم من سـلاح بإستثناء المشاركين في تنفيذ المجازر الجماعية , وإبطال الـمتابعات القضائية في حق الأفراد الـمطلوبيـن داخل الـوطن و خارجه الذيـن يَـمْثُلُون طـوعا أمام الهيئات الـجزائرية الـمختصة والعفو لصالح الأفراد الـمحكوم عليهم والـموجوديـن رهن الـحبس عقابا على اقترافهم نشاطات داعـمة للإرهاب و العفـو لصالح الأفراد الـمحكـوم عليهم و الـموجوديـن رهن الـحبس عقابا على إقترافهم أعمال عـنـف من غير الـمجـازر الـجماعية أوإنتهاك الـحرمات أو إستعمال الـمتفجرات في الإعتداءات على الأماكن الـعـمـومـيـة.

في اليمن :

رفض العديد من شباب الثورة اليمنية المشاركة في الحوار لفترات طويلة مبررين ذلك بعدم إقالة عدد من قادة الجيش المشاركين في قمع الشباب والمتورطين في الفساد حسب تعبيرهم ، وطالبوا بتقديم قتلة الشباب للعدالة.

لقد بدت المبادرة الخليجية للمصالحة الوطنية في اليمن وكأنّها تسعى للإختيار بين السلام وبين العدالة ,وبالتالي أوصلت اليمن إلى ماسمّاه البعض بالسلام السلبي الهش , بينما كان بالإمكان تحقيق السلام الإيجابي المستقر من خلال التطبيق الجاد لقوانين العدالة الإنتقالية .

{ يعتقد المصدر إن صالح وأركان نظامه السابق، الذين حصلوا على العفو من الملاحقة القانونية والقضائية، يعارضون صدور القانون، حتى لا يضطروا للاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها بحق المحتجين سلمياً خلال عام 2011، وحتى لا تتكشف حقائق الانتهاكات التي ارتكبت بحق اليمنيين.

وأوضحت مصادر قانونية يمنية، إن مشروع قانون العدالة الانتقالية يهدف بدرجة رئيسية إلى إنصاف الضحايا ورد الاعتبار لهم ولأهاليهم، وتحقيق السلم الاجتماعي من خلال معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، التي حدثت خلال السنوات الماضية، وفي الوقت ذاته وضع القواعد والآليات الأساسية، التي تمنع تكرار تلك الانتهاكات والجرائم مستقبلاً، وأشارت المصادر القانونية إلى أن العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، من أهم مفردات التسوية السياسية، وأن عدم تحقيقها قد يفشل هذه التسوية برمتها.

وترى المصادر القانونية أن مشروع قانون «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية »، لا يحمي المتهمين بارتكاب الجرائم وانتهاك حقوق الإنسان ، بقدر ما يسعى للوصول إلى عدالة تصالحية، بعيداً عن الملاحقات الجنائية والقضائية، وبعد أن يتم كشف حقيقة ما جرى، من جرائم قتل وانتهاكات بحق المحتجين الشباب والمدنيين، من خلال تحقيقات شاملة تجريها هيئة متخصصة ومستقلة.

وأكد مشروع القانون في مادته الثالثة، «على قيام الانتقال السياسي في اليمن على مبادئ وقيم التسامح والصفح والمصالحة الوطنية ونبذ كل أشكال العنف والانتقام والملاحقة»، كما شدد على أهمية «اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تطبيق العدالة الانتقالية بما يضمن إلقاء الضوء على تصرفات الأطراف السياسية خلال الفترة المشمولة بأحكام هذا القانون وضمان التعويض المادي والمعنوي لمن عانوا خلال تلك في الفترة وجبر الضرر المعنوي من أجل إنصافهم والمصالحة معهم»

تشدد منشورات الأمم المتحدة ذات الصلة بالعدالة الانتقالية (أدوات سيادة القانون لدول مابعد الصراع )، على أنه «لا يجوز أن تقيد تدابير العفو حق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو جرائم الحرب في الحصول على سبل انتصاف وجبر فعالة، كما لا يجوز أن تعرقل حق الضحايا أو المجتمعات في معرفة الحقيقة في شأن تلك الأنتهاكات }

موقف منظمة العفو الدولية :

{ تعتقد منظمة العفو الدولية أن نجاح كل ذلك يعتمد، ولو جزئياً، على تعزيز المساءلة، بغية ضمان تحقيق أحد أهم المطالب التي دفعت باليمنيين إلى الشوارع في 2011 وإعطائه الأهمية التي يستحق.

إن من شأن المسودة الحالية لقانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية أن يقدِّم، إذا ما طبق، بعضاً من جبر الضرر للضحايا والناجين من العنف. بيد أنه يشدد على الصفح كعنصر من عناصر المصالحة، وليس من شأنه أن يوفر العدالة لمن انتهكت حقوقهم الإنسانية فيما مضى.

ويدعو الدكتور إبراهيم شرقية في دراسته عن " رحلة اليمن الطويلة للمصالحة الوطنية "إلى التعامل مع الماضي ,ويعتقد بأن تجاوزه يؤدي إلى زيادة تعقيد العملية الإنتقالية للبلاد . الوطنية "إلى التعامل مع الماضي ,ويعتقد بأن تجاوزه يؤدي إلى زيادة تعقيد العملية الإنتقالية للبلاد.

{ "مواجهة الماضي " لمعالجة ثلاث قضايا رئيسية:

  • الإنتهاكات التي أرتكبتها الحكومة وذوي النفوذ
  • ومصيرالمختفين قسراً
  • وحقيقة ما حدث في عهد صالح

التعامل مع الماضي أمرٌ ضروريٌ لتحقيق مصالحة ذات معنى، فضحايا القمع وأسرهم لهم الحق في معرفة الحقيقة ماذا حدث، ولماذا حدث، ومن المسؤول عنه، لأن معرفة ما حدث في الماضي يساعد الضحايا وذويهم على التكيف مع معاناتهم، تلك المكاشفة قد تمكنهم من التقدم للأمام مع الطرف المسؤول عن الانتهاكات.

معرفة حقيقة ما حدث قد تساعد أيضاً على منع وقوع انتهاكات مماثلة مرة أخرى، فالتظاهر بعدم حدوث انتهاكات الماضي أو أن الناس سوف ينسونه هكذا ببساطة والمضي قدماً، سوف يعقد فقط من رثاء الضحايا ويزرع بذور جرائم المستقبل.

على الرغم من الشكوك المستمرة حول الحكمة وقابلية تطبيق تقصي الحقائق، لا ينبغي أن يخجل اليمنيون من محاولة نهج مختلف هذه المرة. الصراع المستمر في اليمن هو نفسه شاهد على أن الجهود السابقة لحل الصراع طويل الأمد، والتي لم تتضمن لجان تقصي حقائق، قد باءت بالفشل. تقصي الحقائق هي نقطة انطلاق لبدء عملية اعتراف وإعتذاروصفح والأهم، تطبيق قوانين عدالة انتقالية أوسع. يشيرعبد الحكيم هلال(صحفي يمني ومدير تحريرصحيفة المصدرالإلكترونية) إلى إن الصفح ضروري للمصالحة الوطنية,لكن يجب أن تسبقه الحقيقة والاعترافات".

مشروع الحكومة السورية للمصالحــة الوطنية

وإطلاق سراح المعتقلين كافة، ماعدا من اثبت انه تورط بالقتل وسفك الدماء السورية ,وعدم ملاحقة أي من أبناء الشعب إلا من تورط بقتل السوريين ,والحفاظ على النسيج الوطني السوري بمكوناته ومعتقداته المذهبية والدينية واحترامها وصونها وضمان حق العيش الكريم والحر للجميع بشكل عادل ومتساووإتخاذ كافة الإجراءات والسبل والطرق الكفيلة بتحقيق المصالحة الوطنية على أفضل وجه ممكن.

أدوات سيادة القانون لدول مابعد الصراع / تدابيرالعفو :

في دراسة لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان :{ ﻳﺸﻴﺮﺍﻟﻌﻔﻮ , بمعناه أﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲﻫﺬﻩﺍﻷﺩﺍﺓ ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲﻳﺘﺮﺗﺐﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺛﺮ:

(ﺃ) ﺣﻈﺮ الملاحقة الجنائية ، ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ الحالات ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ المدنية ، ﻻﺣﻘﺎﹰ ﺿﺪ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻓﺌﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺇﺟﺮﺍﻣﻲ ﻣﺤﺪﺩ’أرتكب ﻗﺒﻞ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻔﻮ, ﺃﻭ (ﺏ) ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺃﻱ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ ﺳﺒﻖ ﺇﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﺑﺄﺛﺮ ﺭﺟﻌﻲ.

ﻭﺍﻟﻌﻔﻮﺑﺼﻴﻐﺘﻪ ﹼ المعرّفة ﺃﻋﻼﻩ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﻫﺬﻩﺍﻷﺩﺍﺓ ﻟﻺﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺭﺳﻤﻲ ﻳﻌﻔﻲ ﻣﺠﺮﻣﺎﹰ ﻣﺪﺍﻧﺎﹰ ﺃﻭ’مجرمين ’مدانين ﻣﻦ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﻓﺘﺮﺓ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﻢ. ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺷﺘﻰ ﺃﺷﻜﺎﻝ الحصانة ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ الممنوحة بموجب ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﻛﺤﺼﺎﻧﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭالحصاناﺕ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻲ المسؤولين ﻣﻦ الخضوع ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲﻇﺮﻭﻑ ﻣﻌﻴﻨﺔ , ﻭﺗﺪﺍﺑﻴﺮﺍﻟﺼﻔﺢ ﻭ الحصانات ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺩﺍﺓ .

ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻔﻮﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻫﻲ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﻋﻔﻮﻳﻌﺘﻤﺪﻫﺎ المسؤوﻟﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺪﺭء المساءلة ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻭﻗﺪ ﺩﺃﺑﺖ ﻫﻴﺌﺎﺕ ﻣﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻔﻮﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮﺱﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﻹﻓﻼﺕﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ.

ﺗﺪﺍﺑﻴﺮﺍﻟﻌﻔﻮﺍﻟﺸﺎﻣﻞ،ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻔﻲ ﻓﺌﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ الجناة ، ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﺮﺩﻱ، ﻣﻦ المقاضاة و(أو) المسؤولية المدنية ﺩﻭﻥ ﺃﻥ يتعين على المستفيدين ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺸﺮﻭﻁ ﻣﻌﻴﻨﺔ، بما في ذلك ﺍﻟﺸﺮﻭط المتعلقة ﺑﻀﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮنهﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻋﻦ الجرائم ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻐﻄﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻔﻮ. ﻭﺗﻮﺍﺟﻪ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮﺍﻟﻌﻔﻮﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺷﺒﻪ عالمية ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﻄﻲ ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ جسيمة لحقوق ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ. ﺗﺪﺍﺑيرﺍﻟﻌﻔﻮ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻭﻫﻲ ﺗﺼﻒ، بالمعنى المستخدم ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺩﺍﺓ، ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، كالقوانين والمراسم ﺃﻭ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓﻌﻠﻴﺎﹰ. ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﻻ ﺗﻠﻐﻲ الملاحقة الجنائية ﺃﻭ ’ﺳﺒﻞ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﻑ المدنيةﹰ ﺻﺮﺍﺣﺔ،ﻓﺈﻥ ﺃﺛﺮﻫﺎ يماثل ﺃﺛﺮﻗﺎﻧﻮﻥﺍﻟﻌﻔﻮﺍﻟﺼﺮﻳﺢ.ﻭﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻫﺬﻩ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ تمنع ﻣﻘﺎﺿﺎﺓ ﻣﺮﺗﻜﺒﻲ ﺟﺮﺍﺋﻢ لايمكن ﺇﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﹴ ﻟﻌﻔﻮﺻﺮﻳﺢ}

العفـو مقابل كشف المعلومات عن منظومة الفساد والتعاون :

يطرح المختصون أسئلة أولية هي:

  • هل تكون العدالة الانتقالية بالمحاكم العادية أم بلجنة مختصة؟
  • ثم ما هي معايير المصالحة؟
  • بالنسبة للجرائم التي ثبت قضائيا أنها أدت إلى ضرر شخصي مثل جرائم القتل أو الجرح أو التعذيب فلا بد من انتظار قرار أو حكم قضائي يقر هذه الجريمة.ووفقًا للويس جوان (Louis Joinet)، فإنّ منح العفو بعد إدانة شخص ما، إما لتخفيف الحكم، وإما لتمكين الشخص المدان من تفادي تنفيذ مدة العقوبة كاملة، لا يمكن أن يكون مقبولاً فحسب، بل محبذاً أيضًا في عملية الانتقال.
  • أما بالنسبة للجرائم ذات الصبغة المالية والعقارية فإن تعويض الضرر للمجموعة الوطنية يكون هو الهدف الأسمى ويتجه أن تعتمد لجنة المحاسبة والمصالحة معايير لا يخول القانون للمحاكم اعتمادها وهي معايير المصارحة والتعويض المنصف والتعويض المناسب .

وهنا تقتضي المصالحة أن يتولى المسؤولون الذين ساهموا بحكم موقعهم أو بحكم الضغوط المسلطة عليهم من الرئيس السابق، مصارحة اللجنة بكل ما يعلمونه عن منظومة الفساد التي كانت سائدة بما يمكن من المصالحة الشاملة في اطار اللجنة لأن نظر القضاء لا يتجاوز، بحكم القانون، القضية المتعلقة بها.

فالأشخاص الذين يريدون الإفادة من قانون عفو ستكون لديهم الشجاعة على إظهار شفافية، وذلك نظرًا إلى أنهم تلقوا في المقابل تأكيدًا بالعفو، فالهدف من تدابير العفو هو تمكين الجاني من التعاون على أكمل وجه ممكن .

والفلسفة الضمنية لهذا النهج تستند إلى فكرة أنّ الديمقراطية والسلام - التي تسمح بإعادة بناء المجتمع وإعادة توحيده – سوف يضمنان طريقة حياة سلمية وأكثر عدلاً، وبالتالي فالتضحية بالتطبيق المطلق لبعض المبادئ في ضوء المكاسب المتوقعة أمر مشروع, ويجب أن يكون التعويض مناسبا .

المصالحة الوطنية في توصيات بيكر ـ هاملتون الخاصة بالعراق :

أما المجموعة الأميركية للدراسات حول العراق (فقد أعتبرت الوضع خطيراً ومتدهوراً ولا سبيل يمكن أن يضمن النجاح ، ولكن يمكن تحسين الفرص،ونقرأ في التوصيات ذات العلاقة بموضوع المصالحة الوطنية :

( في حال لم تحقق الحكومة العراقية تقدماً ملموساً على طريق المصالحة الوطنية وتحقيق الأمن وتثبيت الحكم، ينبغي على الولايات المتحدة أن تخفض الدعم السياسي أو العسكري أو الاقتصادي لها.

- يجب أن تكون مبادرات العفو متاحة. ونجاح أي جهد في المصالحة الوطنية يجب أن يشمل إيجاد سبل للتوفيق بين ألد الأعداء السابقين.العنف لن ينتهي ما لم يبدأ الحوار، والحوار يجب أن يشمل من يسيطرون على السلطة.

وعلى الولايات المتحدة أن تحاول التحدث مباشرة مع آية الله العظمى علي السيستاني، والتحدث مباشرة مع مقتدي الصدر وقادة الميليشيات وزعماء المتمردين. الأمم المتحدة يمكن أن تساعد في تسهيل الاتصالات.

- على الولايات المتحدة أن تشجع الحوار بين الجماعات الطائفية. ويجب أن تكون الحكومة العراقية أكثر سخاء فيما يتعلق بموضوع العفو عن المسلحين.

- يجب أن لا تعوق الولايات المتحدة مشاريع العفو العراقية، سواء عبر السلطة التنفيذية أو التشريعية. )

أهم مانريد تأكيده بعد هذا الإستعراض لتجارب العفو :

  • العفو ممارسة قد تكون ضرورية في مرحلة معينة من مراحل مشروع المصالحة الوطنية .
  • ولكن كأي إجراء آخر له ضوابطه المعروفة , بل وبعض صور العفو التي تؤدي إلى إفلات المجرمين من العقاب , مرفوض من الهيئات الدولية ذات العلاقة .
  • معيار سلامة إجراء العفو , هو عدم تعارضه مع قيم العدالة وعدم مكافأة القتلة وتشجيع إفلاتهم من العقاب ..ومساعدته على توفير شروط نجاح مصالحة وطنية حقيقية .